تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَفَغَيۡرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبۡغُونَ وَلَهُۥٓ أَسۡلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعٗا وَكَرۡهٗا وَإِلَيۡهِ يُرۡجَعُونَ} (83)

الآية 83 وقوله تعالى : { أفغير دين الله تبغون } ؟ الدين كأنه يتوجه إلى وجوه : يرجع اعتقاد المذهب إلى{[4030]} الأصل ، ويرجع إلى الحكم والخضوع كقوله : { أفحكم الجاهلية يبغون } ؟ [ المائدة : 50 ] ، ويرجع إلى الجزاء . ثم قوله تعالى : { أفغير دين الله يبغون } ؟ كان كل منهم يبغي دينا ، وهو دين الله ، ويدعي أن الدين الذي هو عليه دين الله ، لكن هذا ، والله أعلم ، كل منهم في الابتداء كان{[4031]} يبغي دين الله في نفسه ، لكن بان له من بعد ، وظهر بالآيات والحجج أنه ليس على دين الله [ الذي ]{[4032]} هو الإسلام فلم يرجع إليه ، ولا اعتقده ، ولزم غيره بالاعتناد والمكابرة ، فهو باغ غير دين الله ، والله أعلم .

قال الشيخ ، رحمه الله في قوله : { أفغير دين الله يبغون } ؟ أي أفغير ما في دين الله من الأحكام والتوحيد ، ويحتمل { أفغير دين الله } يدينون ، وليس على الاستفهام ، ولكن على الإيجاب أنهم في صنيعهم يبغون غير الذي هو دين الله كقوله : { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } الآية

[ البقرية : 30 ] وكقوله : { أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم } الآية [ النور : 50 ] .

وقوله تعالى : { وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها } يحتمل وجوها : { أسلم } أي{[4033]} استسلم ، وخضع له بالخلقة ، إذ في خلقة كل دلالات وحدانية ، ويحتمل { وله أسلم من في السموات } يعني الملائكة ، { ومن في الأرض } [ يعني ]{[4034]} المؤمنين الذين أسلموا { طوعا وكرها } يعني أهل الأديان يقرون أن الله ربهم ، وهو خلقهم كقوله : { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله } [ الزخرف : 87 ] فذلك إسلامهم ، وهم في ذلك مشركون . عن ابن عباس رضي الله عنه [ أنه ]{[4035]} قال : { من في السماوات } أسلموا { طوعا } وأما أهل الأرض فمنهم من أسلم { طوعا } ومنهم من أسلم { كرها } مخافة السيف ) . وعن ابن عباس رضي الله عنه [ أنه ]{[4036]} قال : ( { طوعا } من ولد في الإسلام ، وكل من أسلم ، ولم يولد في الإسلام ، فهو كره ) . وقيل : منهم من أسلم { طوعا } ومنهم من جبر{[4037]} عليه . والإسلام هو تسليم النفس لله{[4038]} خالصا ، لا يشرك فيه غيره كقوله : { ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل } الآية [ الزمر : 29 ] دلت الآية أنه ما ذكرنا ، والله أعلم . والإسلام هو اسم الخضوع ، وكل منهم قد خضع{[4039]} ، ولم يجترئ أحد أن يخرج عليه .


[4030]:في الأصل وم: في.
[4031]:في الأصل وم: أن.
[4032]:ساقطة من الأصل وم.
[4033]:ساقطة من م.
[4034]:ساقطة من الأصل وم.
[4035]:ساقطة من الأصل وم.
[4036]:ساقطة من الأصل وم.
[4037]:في الأصل وم: جبروا.
[4038]:ساقطة من م.
[4039]:في الأصل وم: خضعوا.