الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَفَغَيۡرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبۡغُونَ وَلَهُۥٓ أَسۡلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعٗا وَكَرۡهٗا وَإِلَيۡهِ يُرۡجَعُونَ} (83)

قوله : ( أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ تَبْغُونَ ) أي : أفغير طاعة الله يا أهل الكتاب تطلبون ، وهو الذي خضع له من في السماوات والأرض ، وأسلم طائعاً ، وهم( {[10347]} ) : الملائكة ، والنبيون والمؤمنون ( وَكَرْهاً ) وهم الذين آمنوا بالتوحيد ، وأشركوا عن علم كما قال : ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ) ( {[10348]} ) .

وقيل : إسلام الكاره هو حين أخذ عليه الميثاق( {[10349]} ) .

وقال مجاهد( {[10350]} ) : إسلام الكاذب سجود ظله( {[10351]} ) .

والطائع : المؤمن .

وقيل : إسلام الكاره تقلبه في مشيئة الله ، واستكانته لقضائه( {[10352]} ) .

وقال قتادة : إسلام الكاره هو حين لا ينفعه إسلامه ، وذلك في الآخرة ، وحين رأى الموت ، قال الله تعالى : ( فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمُ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا( {[10353]} ) بَأْسَنَا )( {[10354]} ) .

وقيل المعنى : له خضع الجميع طائعين ، وكارهين لأنه جبلهم على ذلك ، وخلقهم كذلك( {[10355]} ) .

وفي تفسير الحسن ( وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَوَاتِ ) انقطع الكلام( {[10356]} ) . ثم قال : ( وَالاَرْضِ )( {[10357]} ) طوعاً أو كرهاً أي أسلم من في الأرض طوعاً وكرهاً ، فالكاره المنافق لا ينفعه إيمانه .

وقيل : إن أهل الأرض أسلموا كلهم حين أخذ الله عليهم الميثاق واستخرجهم من ظهر آدم ، فالتأويل : أفغير طاعة الله تريدون وهذه صفته( {[10358]} ) .


[10347]:- (ب) (د): هو.
[10348]:- الزخرف: 87.
[10349]:- عزاه الطبري إلى ابن عباس في جامع البيان 3/336 وينظر أيضاً الدر المنثور 2/254.
[10350]:- انظر: تفسير مجاهد 1/130.
[10351]:- (د): سجود علة وهو تحريف.
[10352]:- يعزى لجابر بن عامر في جامع البيان 3/337.
[10353]:- انظر: جامع البيان 3/337 والدر المنثور 2/255.
[10354]:- غافر آية 85.
[10355]:- انظر: جامع البيان 3/338.
[10356]:- معناه: الطوع والاستسلام لأهل السماوات خاصة، ولأهل الأرض بعضهم بالطوع وبعضهم بالكره، انظر: معاني الفراء 1/225، وتأويل المشكل 418. ومعاني الزجاج 1/438.
[10357]:- ساقط من (ج)، العبارة عند الطبري: أكره أقوام على الإسلام وجاء أقوام طائعين، انظر: جامع البيان 3/338.
[10358]:- معاني الزجاج 1/438.