فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَفَغَيۡرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبۡغُونَ وَلَهُۥٓ أَسۡلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعٗا وَكَرۡهٗا وَإِلَيۡهِ يُرۡجَعُونَ} (83)

( أفغير دين الله يبغون ) عطف على مقدر أي تتولون فتبغون غير دين الله ، وتقديم المفعول لأنه المقصود بالإنكار ، وقرأ عمرو وحده يبغون بالتحتية ، وترجعون بالفوقية قال لأن الأول خاص ، والثاني عام ، ففرق بينهما لافتراقهما في المعنى ، وكيف يبغون غير دينه ( و ) الحال أن ( له أسلم ) أي خضع وانقاد من في السموات والأرض طوعا وكرها ) أي طائعين ومكرهين والطوع الانقياد والاتباع بسهولة ، والكره ما فيه مشقة وهو من أسلم مخافة القتل ، وإسلامه استسلام منه .

أخرج الطبراني بسند ضعيف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله ( وله أسلم ) قال أما من في السموات فالملائكة ، وأما من في الأرض فمن ولد على الإسلام ، وأما كرها فمن أتى به من سبايا الأمم في السلاسل والأغلال يقادون إلى الجنة وهم كارهون{[340]} .

وأخرج الديلمي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الآية الملائكة أطاعوه في السماء ، والأنصار وعبد القيس أطاعوه في الأرض .

قال ابن عباس : أسلم من في السموات والأرض حين أخذ عليهم الميثاق ، وعن قتادة قال أما المؤمن فأسلم طائعا فنفعه ذلك وقبل منه ، وأما الكافر فأسلم حين رأى بأس الله فلم ينفعه ولم يقبل منه ( فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ) .

وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من ساء خلقه من الرقيق والدواب والصبيان فاقرؤوا في أذنه أفغير دين الله يبغون{[341]} .

وأخرج ابن السني في ( عمل يوم وليلة ) عن يونس بن عبيد قال ليس رجل يكون على دابة صعبة فيقرأ في أذنها أفغير دين الله يبغون الآية إلا ذلت بإذن الله عز وجل ( وإليه يرجعون ) أي مرجع الخلق كلهم إلى الله يوم القيامة ، ففيه وعيد عظيم لمن خالفه في الدنيا .


[340]:ابن كثير 1/378.
[341]:هذا والذي قبله في النفس منه شئ.