السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَفَغَيۡرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبۡغُونَ وَلَهُۥٓ أَسۡلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعٗا وَكَرۡهٗا وَإِلَيۡهِ يُرۡجَعُونَ} (83)

{ أفغير دين الله يبغون } وهذه الجملة معطوفة على الجملة المتقدّمة وهي { فأولئك هم الفاسقون } والهمزة متوسطة بينهما للإنكار ويجوز أن تعطف على محذوف تقديره أيتولون فغير دين الله يبغون وقدم المفعول الذي هو غير دين الله على فعله ؛ لأنه أهمّ من حيث أن الإنكار الذي معنى الهمزة متوجه إلى المعبود الباطل ، وقرأ أبو عمرو وحفص بالياء على الغيبة ، والباقون بالتاء على الخطاب على تقدير وقل لهم : { وله } سبحانه وتعالى : { أسلم } أي : خضع وانقاد { من في السماوات والأرض طوعاً } أي : بالنظر في الأدلة واتباع الحجة والإنصاف من نفسه { وكرهاً } بالسيف ومعاينة ما يلجئ إلى الإسلام كنتق الجبل على بني إسرائيل وإدراك الغرق فرعون وقومه والإشراف على الموت لقوله تعالى : { فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده } ( غافر ، 84 ) وقال الحسن : أسلم أهل السماوات طوعاً وأهل الأرض بعضهم طوعاً وبعضهم كرهاً خوفاً من السيف والسبي وقيل : هذا يوم الميثاق حين قال : { ألست بربكم ؟ قالوا : بلى } ( الأعراف ، 172 ) فقال بعضهم طوعاً وبعضهم كرهاً قال قتادة : المسلم أسلم طوعاً فنفعه ، والكافر كرهاً في وقت البأس فلم ينفعه قال تعالى : { فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا } ( غافر ، 85 ) وانتصب طوعاً وكرهاً على الحال بمعنى الطائعين ومكروهين { وإليه ترجعون } قرأ حفص بالياء على الغيبة ، والباقون بالتاء على الخطاب .