وقوله تعالى : { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم } عن ابن عباس رضي الله عنه في قوه تعالى : { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء } في إيفاء الحق أن يستوي في قلوبهم الحب { ولو حرصتم } على العدل لا تقدرون عليه في ذلك{ فلا تميلوا كل الميل } إلى التي تحب في النفقة والقسم ، فتأتي الشابة التي تعجبك ، وتدع الأخرى بغير قسم ولا نفقة .
روي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يقول : ( الله أما قلبي فلا أملك ، ولكن أرجو أن أعدل في ما سوى ذلك ) . والعدل ههنا التسوية ، ألا ترى أنه قال في آية أخرى : { وهم بربهم يعدلون } ( الأنعام : 150 ) ليس هو ضد الجور ، ولكن( هو ){[6630]} التسوية : يسوون بين الأصنام في العبادة . وعن أبي عبيدة ( أنه ){[6631]} قال : ( { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم } في الحب ) . وروي عن أبي قلابة رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان يعدل بين نسائه في القسمة ، ويقول : " اللهم إن هذه قسمتي في ما أملك ، فلا تؤاخذني في ما تملك أنت ، ولا أملك " )( أبو داوود 2134 )
وأصل ذلك أن في كل ما كان المرء مدفوعا مضطرا فإنه غير مكلف في ذلك ، ( وفي كل ما كان باختيار منه وإيثار غير مدفوع إليه {[6632]} فإنه مكلف في ذلك ) {[6633]} . والحب مما يدفع المرء( إليه ، ويضطره ، ولا ) {[6634]} صنع لا فيه ، لم يكلف التسوية في ما يكون ( المرء مدفوعا إليه ){[6635]} مضطرا لأنه لا يملك التسوية .
وعلى هذا يخرج قولنا : إن الكافر مكلف بالإيمان في حال الكفر لشغله به واختياره فعل الكفر ليس كالمضطر ، وقد ذكرنا في ما تقدم أن الاستطاعة تكون على ضربين : استطاعة أحوال وأسباب واستطاعة أفعال . والاستطاعة التي هي استطاعة الأحوال والأسباب من نحو الصحة والسلامة وغيرهما تجوز قبل ومع وبعد . أما استطاعة الأفعال {[6636]} فإنها لا تكون إلا مع الفعل ، وبالله التوفيق .
وقوله تعالى : { فلا تميلوا كل الميل } في النفقة والقسمة ؛ معناه : لا يحملنكم شدة الحب والميل بالقلب أن تتركوا الألفاظ عليها وإيفاء الحق ؛ أعني حق القسم . وقوله تعالى : { فتذروها كالمعلقة } ليست بأيم ولا ذات بعل ؛ ليست بأيم تتكلف مؤنتها كما تتألف الأيم ، ولا ذات بعل يتحمل( بعلها ما عليه ){[6637]} . وفي حرف أبي كعب : فتذروها كالمسجونة ، وهو ما ذكرنا ، لا ينفض هو عنها ، ولا يطلقها لتتزوج زوجا آخر ، فهي كالمسجونة .
وقوله تعالى : { وإن تصلحوا وتتقوا } هو ما ذكرنا في قوله عز وجل : { وإن تحسنوا وتتقوا } ( النساء : 128 ) .
وقوله تعالى : { فإن الله كان غفورا رحيما } هذا ينقض قول من يقول : إنه لم يكن رحيما ثم صار رحيما لأنه أخبر أنه كان رحيما ، وهو يقول : صار رحيما وبالله العصمة .
ثم المسألة بأن المرأة إذا جعلت أيامها لضربتها كان لها أن ترجع ، وتفسخ ذلك لأنها جعلت لها ما لم يجب بعد( ما لم ){[6638]} يلزم ، فكانت{[6639]} كمن أبرأ آخر عن حق لم يجب بعد ، فإن إبراءة باطل ؛ له أن يعود إليه ، فيأخذه به إذا وجب . فعلى ذلك هذا ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.