تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ ٱلدُّنۡيَا فَعِندَ ٱللَّهِ ثَوَابُ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعَۢا بَصِيرٗا} (134)

الآية 134

وقوله تعالى : { من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة } قال بعض أهل التأويل : من كان يريد بعمله الذي يعمله عرض الدنيا ، ولا يريد به الله آتاه الله ما أحب من عرض الدنيا ، أو دفع عنه ما أحب{[6648]} في الدنيا ، ليس له في الآخرة من ثواب لأنه عمل لغير الله ، هو كقوله عز وجل : { من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق }( البقرة : 200 ) ومن أراد بعمله الذي يعمله في الدنيا ثواب الآخرة آتاه الله تعالى من عرض الدنيا ما أحب ، ودفع عنه ، وجزاه في الآخرة الجنة بعمله في الدنيا ، والله أعلم

وتحتمل الآية غير هذا ( وجهين :

أحدهما ){[6649]} : أنهم يتخذون من دون الله آلهة يعبدونها طلبا للرئاسة والعز والشرف كقوله تعالى : { واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا }{ كلا } ( مريم : 81و82 ) فأخبر أن العز والشرف ليس في ذلك ، ولكن عند الله عز الدنيا والآخرة .

والثاني : أنهم كانوا يعبدون الأوثان والأصنام ، ويقولون : { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } ( النزمر : 3 ) ويقولون : { هؤلاء شفعاء عند الله } ( يونس : 18 ) فأخبر أن ليس في عبادتكم هذه الأصنام منافع تأملون بذلك في الدنيا ، والسعة في الدنيا كقوله تعالى : { إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه } الآية ( العنكبوت : 17 ) . فعلى ذلك قوله عز وجل : { من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة } لا ما تطلبون ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وكان الله سميعا } لمقالتكم{ بصيرا } بما تريدون ، وهو وعيد .


[6648]:من م، في الأصل:أوجب.
[6649]:في الأصل وم: وجوها أحدها.