وقوله تعالى : { فلا وربك لا يؤمنون } قيل : قوله : { فلا }صلة في كل قسم أقسم به كقوله : { لا أقسم بيوم القيامة }( القيامة : 1 ) ونحوه كل صلة . كأنه قال : أقسم{ وربك لا يؤمنون } وقيل : قوله : { فلا وربك } ليس هو على الصلة . ولكن يقال ذلك على نفي ما تقدم من الكلام وإنكار كقول الرجل : لا والله هو ابتداء الكلام ، ولكن على نفي ما تقدم من الكلام . فعلى ذلك هذا .
وفيه تفضيل رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم على غيره من البشر ، لأن الإضافة إذا خرجت إلى واحد تخرج مخرج التعظيم لذلك الواحد والتخصيص له . وإذا كانت إلى جماعة( تخرج ){[5894]} تعظيما له كقوله : { وأن المساجد لله } ( الجن : 18 )وقوله : { له ما في السماوات والأرض } ( البقرة : 116و . . . . )ونحوه .
وقوله تعالى : { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم } كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حاكما ، وإن لم يحكموه ؛ ليس معناه ، والله أعلم{ حتى يحكموك فيما شجر بينهم } أي حتى يرضوا بحكمك وقضائك .
وقوله تعالى : { فيما شجر بينهم } أي اختلفوا بينهم ، وتنازعوا .
وقوله تعالى : { ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت } قيل ضيقا . وقيل : شكا{ مما قضيت }بينهم أنه حق .
وقيل : إنما ثم في الآية أن الإيمان في القلب لأنه قال تعالى : { ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا } أي في قلوبهم . ألا ترى أنه قال تعالى في آية أخرى : { فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا } ؟ ( الأنعام : 125 )ذكر ضيق الصدر{[5895]} ، وهو واحد . إلا ترى أنه قال تعالى في آية أخرى : { ولم تؤمن قلوبهم } ؟ ( المائدة : 41 ) .
فهذه{[5896]} الآيات ترد على الكرامية قولهم لأنه قال تعالى : { بل يؤمنون ، فيقال لهم : أنتم أعلم أم الله ؟ ثم قيل : إن الآية نزلت في اليهودي والمنافق اللذين{[5897]} تنازعا ، فتحاكما إلى الطاغوت ، وقيل : نزلت في شأن رجل من الأنصار والزبير بن العوام ؛ كان بينهما تشاجر في الماء ، فترافعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال للزبير : اسق ، ثم أرسل الماء إلى جارك ، فغضب ذلك الرجل ، فنزلت الآية : { فلا وربك لا يؤمنون } الآية . ولا ندري كيف كانت القصة ؟ وفيم كانت ؟ .
ثم روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الأخبار أنه قال : " لا يؤمن أحد حتى أكون أحب إليه من نفسه وأهله وولده وماله والناس جميعا " ( البخاري 14و15 ) .
وقيل في قوله تعالى : { ثم لا يجدوا في أنفسهم } أي في قلوبهم{ حرجا } أي شكا{ مما قضيت } أنه هو الحق{ ويسلموا } لقضائك لهم وعليهم{ تسليما } . وفي قوله تعالى : { وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع } قيل : تأويله أنه ما أرسل رسولا في الأمم السالفة إلا ليطيعوه{[5898]} ، فكيف تركتم أنتم طاعة الرسول الذي أرسل إليكم ؟ وقوله تعالى : { إلا ليطاع بإذن الله } ما أرسل الله رسولا إلا وقد أمرهم أن يطيعوه . لكن منهم من أطاعه ، ومنهم من لم يطع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.