تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَيَٰقَوۡمِ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ يَوۡمَ ٱلتَّنَادِ} (32)

الآيتان 32 و33 وقوله تعالى : { وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ } { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } الآية . وعظهم{[18255]} أيضا بعذاب الآخرة وما يكون منهم من الندامة بتركهم اتباع الرسول بعد ما وعظهم ، وبعذاب{[18256]} الدنيا وما نزل بأوائلهم بصنيعهم مثل صنيعهم ، وهو ما قال : { وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ } { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } الآية .

ثم قوله : { يوم التّنادِ } فيه ثلاث لغات ، إحداها : يوم التّنادي أي بالياء ، والثانية بالتخفيف على حذف الياء [ التّناد ]{[18257]} والثالثة : بالتشديد [ التّناد ]{[18258]} .

فمن قرأها بالتشديد{[18259]} فيقول : هو من نَدَّ يَنْدُّ نَدًّا إذا مضى [ هائما على ]{[18260]} وجهه هاربا فارًّا من عذاب الله ، إذا عاين العذاب ، وهو من نَدَّ الإبل وغيره ، والله أعلم .

ومن قرأ بالياء ، فهو التفاعل من النداء ، فهو على نداء بعضهم بعضا يوم القيامة كقوله تعالى : { ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا } [ الأعراف : 44 ] وقوله عز وجل : { ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء } [ الأعراف : 50 ] وقوله عز وجل : { ويوم يناديهم فيقول أبن شركائي الذين كنتم تزعمون } [ القصص : 62 ] وقوله عز وجل : { ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين } [ القصص : 65 ] ونحوه .

ومن قرأ بغير الياء فقد حذف الياء كقوله : { فاقض ما أنت قاض } [ طه : 72 ] وأصله : التنادي ، والله أعلم .

ثم قوله تعالى : { يوم تُولّون مدبرين } قال بعضهم : يوم تولّون هاربين من النار مدبرين عنها كقوله تعالى : { يوم يفرّ المرء من أخيه } [ عبس : 34 ] .

وقوله تعالى : { مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ } أي ما لكم من عذاب الله إذا نزل بكم من مانع يمنعكم من عذابه .

وقوله تعالى : { وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } قد ذكرناه .


[18255]:في الأصل وم: وعظيم.
[18256]:من م، في الأصل: وعذاب.
[18257]:ساقطة من الأصل وم.
[18258]:ساقطة من الأصل وم.
[18259]:انظر مختصر في شواذ القرآن ص 132 والجامع لأحكام القرآن ح 15/297.
[18260]:ساقطة من الأصل وم.