تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{مَّنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِنَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَسَآءَ فَعَلَيۡهَاۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ} (46)

الآية 46 وقوله تعالى : { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا } يخبر عز وجل أنه إنما امتحنهم في ما امتحنهم لا لمنافع يجُرّها{[18588]} إلى نفسه أو لمضار يدفعها{[18589]} عن نفسه . ولكنه إنما امتحنهم ، وأمرهم ، ونهاهم لمنافع يكتسبونها{[18590]} لأنفسهم ولمضارّ [ يدفعونها عن أنفسهم ]{[18591]} . وليس كملوك الأرض ؛ إنهم يمتحنون الخلق ، ويأمرون ، وينهون ، ويستعملونهم لمنافع أنفسهم ولمضارّ يدفعونها عن أنفسهم .

فأما الله سبحانه وتعالى فإنما يمتحن الخلائق لمنافع يجرّون إلى أنفسهم ولمضارّ يدفعونها{[18592]} عن أنفسهم ؛ فلهم منافع ذلك الامتحان والأمر والنهي ، وعليهم حصول منافع ذلك الامتحان والأمر والنهي ، وعليهم حصول ضرر ذلك . فلأنفسهم يعملون ما يعملون من الخير والطاعة ، وعليهم يعملون ما يعملون من اشر .

ولذلك قال : { وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } قد بيّن السّبيلين جميعا بيانا شافيا ، وأقام لكل ذلك حججا وبراهين ، وبيّن أن من سلك سبيل كذا أفضاه إلى كذا في العاقبة : إما [ إلى ]{[18593]} نعيم دائم وسرور دائم ، وإما [ إلى ]{[18594]} عذاب دائم وشر دائم . فمن سلك السبيل الذي عاقبته النار والخزي فمن قِبل نفسه اختار ذلك ، وهو الذي أوقع نفسه في ذلك . ومن سلك السبيل الذي جعل الله عاقبته الجنة والنّعم الدائمة فيه ، واختاره ، وصل [ إلى ذلك ]{[18595]} .

فهو تفسير قوله تعالى : { وما ربك بظلاّم للعبيد } والله أعلم .


[18588]:في الأصل وم: فيه يجر.
[18589]:الأصل وم: تدفع.
[18590]:في الأصل وم: يكتسبون.
[18591]:في الأصل: يدفعون بذلك عن، في م: يدفعون بذلك عن أنفسهم.
[18592]:في الأصل وم: يكتسبون به.
[18593]:ساقطة من الأصل وم.
[18594]:ساقطة من الأصل وم.
[18595]:ساقطة من الأصل وم.