تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَحَسِبُوٓاْ أَلَّا تَكُونَ فِتۡنَةٞ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٞ مِّنۡهُمۡۚ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ} (71)

وقوله تعالى : { وحسبوا ألا تكون فتنة } ولم يبين ما الفتنة التي حسبوا ألا تكون ؟ فأهل التأويل اختلفوا فيها : قال قائلون : الفتنة المحنة التي فيها الشدة ؛ حسبوا ألا يأتيهم الرسل بامتحانهم على خلاف هواهم . بل جاءهم الرسل ليمتحنوا على خلاف ما أحدثوا من هوى أنفسهم .

وقال بعضهم : قوله تعالى : { وحسبوا ألا تكون فتنة } أي هلاك وعذاب تكذيبهم الرسل وقصدهم قصد قتلهم .

وقال ابن عباس رضي الله عنه ألا يكون شر . وقيل : { وحسبوا ألا تكون فتنة } أي حسبوا ألا يبتلوا بتكذيبهم الرسل وبقتلهم الأنبياء بالبلاء والقحط { فعموا } عن الهدى ، فلم يبصروه { وصموا } عن الهدى فلم يسمعوا لما لم ينتفعوا به .

[ وقوله تعالى : ] { ثم تاب الله } فدفع عنهم البلاء ، فلم يتوبوا بعد وقع البلاء .

ويحتمل أن يكون قوله تعالى : { وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا } ما ذكره في آية أخرى ، وهو قوله تعالى : { وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن في الأرض مرتين ولتلعن علوا كبيرا } إلى قوله تعالى : { ثم رددنا لكم الكرة عليهم } الآية [ الإسراء : 4 و5 و7 ] . تابوا مرة ، ثم رجعوا ، ثم تابوا . فذلك قوله تعالى : { فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا } الآية .