تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَسۡـَٔلُونَ أَيَّانَ يَوۡمُ ٱلدِّينِ} (12)

الآية 12 وقوله تعالى : { يسألون أيّان يوم الدين } كانوا{[19872]} يسألون عن يوم القيامة سؤال استهزاء وعناد لا سؤال استرشاد . لذلك قال الله تعالى : { يوم هم على النار يُفتنون } [ الآية : 13 ] لو كان سؤالهم سؤال استرشاد لكان لا يأتيهم ذلك الوعيد .

ألا ترى أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم

وسأله عن الإيمان والإسلام في حديث طويل ، وسأله عن الساعة ، فلم يأته الوعيد ؟ فلا ذمّ في سؤاله ذلك لأن سؤاله سؤال استرشاد .

وقوم موسى عليه السلام لما سألوا رؤية الربّ تعالى بقوهم : { أرِنا الله جهرةً } [ النساء : 153 ] أُهلكوا لأنهم سألوا سؤال استهزاء وتعنُّت لا استهزاء .

وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوا الرؤية ، فبُشّروا ، ووُعِدوا في الآخرة لما أنهم سألوا سؤال استرشاد لا سؤال استهزاء .

فعلى ذلك أولئك الكفرة سألوا عن القيامة سؤال استهزاء : متى تكون الساعة التي تُوعدنا{[19873]} بها ؟ ومتى{[19874]} وقت العذاب الذي توعدنا{[19875]} به ؟ لذلك قال جوابا لهم : { يوم هم على النار يُفتَنون } [ الآية : 13 ] والله أعلم .

وفي الآية دلالة على أن الحكم لا يُبنى على ظاهر المخرج ؛ فإنه لا فرق بين سؤال الكفرة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة وبين جبريل عليه السلام إياه عن الساعة .

[ فالجواب لجبريل ]{[19876]} عليه السلام ( ما المسؤول بها بأعلم من السائل ) [ البخاري : 50 ] . ثم الجواب للكفرة { يوم هم على النار يُفتنون } [ الآية : 13 ] ثم من شهد النوازل علم المراد من النازلتين أن أحد السؤالين خرج على الاستهزاء والآخر على الاسترشاد . فحملوا أحد الجوابين على إحدى الحالتين والآخر على حال الأخرى .

دلّ أن الحكم لا يُبنى على ظاهر المخرج . ولكن يجب النظر ليُعرف المراد إما بسؤال{[19877]} من شهد النازلة وإما{[19878]} من حيث المعنى مودَعٌ{[19879]} فيه ، والله أعلم .


[19872]:أدرج قبلها في الأصل وم: الآية.
[19873]:في الأصل وم: تعدنا.
[19874]:في الأصل وم: أين.
[19875]:في الأصل وم: تعدنا.
[19876]:في الأصل وم: أجاب جبريل.
[19877]:في الأصل وم: بالسؤال.
[19878]:في الأصل وم: أو.
[19879]:في الأصل وم: المودع.