الآية 21 وقوله تعالى : { وفي أنفسكم أفلا تُبصرون } صلة قوله : { وفي الأرض آيات للموقنين } أي وفي أنفسكم أيضا [ آيات ]{[19889]} أفلا يبصرون ؟ أي آيات الوحدانية والرّبوبية وآيات البعث وآية وجوب الشكر والعبادة والامتحان .
أما آيات الربوبية فهي{[19890]} أن الله أنشأ هذا البشر من نُطفة ، ثم قلب تلك النطفة علقة ثم العلقة مضغة ثم المضغة عظامًا ولحمًا ، ثم ركّب فيها الجوارج { في ظلمات ثلاث } [ الزمر : 6 ] ما رأى الصالح له في الاستواء والصحة سليمة من الآفات غير متفاوتة .
فدلّ أنه فعل واحد لا عدد ، وأن له القدرة الذاتية والعلم الذاتيّ لا المُستَفاد ، وأن ما قلبهم من حال [ إلى حال ]{[19891]} وما ركّب فيهم من الجوارح التي بها يقبِضون ، وبها يأخذون ، وبها يدفعون ، ويسلّمون ، وبها يُبصرون ، ويسمعون ، وبها يمشون ؛ لم يفعل بهم ليترُكهم سدًى ؛ ويُمهلهم فلا يمتحنهم ، ولا يأمرهم ، ولا ينهاهم ، وأنه حين{[19892]} سخّر جميع الخلائق من السماء والأرض وما بينهما ، ما سخّر إلا ليمتحنهم ، وليستأدي منهم شكر ذلك كله .
وفيه آية البعث ، لأنه لا يحتمل أن يكون منه ما ذكرنا ، ثم لا يبعثهم ليُثاب المُحسن منهم ، ويعاقَب المُسيء ، ويُجازى [ كأنه لا ]{[19893]} يقدر عليه ؛ إذ لو لم يكن لكان خلقه إياهم عبَثا باطلا على ما ذكرنا في غير موضع .
وقيل : { وفي أنفسكم } أي في خلق أنفسكم { أفلا تبصرون } أنه كيف سوّى أنفسكم على أحسن الصور وأحسن التقويم بعد ما كان أصلها وجوهرها من ماء ؟ وكذلك أصل جواهر الأنعام والبهائم من نطفة أيضا ، ثم ركّبها{[19894]} على صُور صالحة لمنافعكم . وركّبكم على أحسن الصور ، ثم جعل فيكم من العقل والسمع والبصر ما تُدرك بها حقائق الأشياء المحسوسة والمعاني الحكميّة لتتأملوا في ذلك كله ، فتكون آية الوحدانية وآية إلزام الشكر والعبادة له ، والله الموفّق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.