تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱلۡبَيۡتِ ٱلۡمَعۡمُورِ} (4)

الآية 4 وقوله تعالى : { والبيت المعمور } يحتمل البيوت كلها جملة ، وهي البيوت التي جعل الله تعالى للخلق يسكنون فيها ، ويتّقون بها الحرّ /533-ب/ والبردَ ، ويؤمنون فيها ، وهو ما قال الله تعالى : { والله جعل لكم من بيوتكم سَكَنًا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتًا } الآية [ النحل : 80 ] ما عرف كلٌّ منافعها وعظم نعمة الله تعالى عليهم في ذلك ليستأدي شكرا ، فأقسم بما ذكر إن لم يقم بوفاء الشكر استوجب العذاب والعقوبة ، والله أعلم .

ويحتمل أن يكون القسم بالبيت المعمور ، هو الكعبة ، وهو معمور ، قد عظّم الله شأنه وأمره في قلوب الناس كافّة : في قلوب الكفار والمؤمنين جميعا ، حتى كانت قريش وسائر العرب يحُجّونه ، ويزورونه ، ويعظّمونه فأقسم به على ما ذكر ، والله أعلم .

وقال أبو عبيدة : { والبيت المعمور } الكثير الأهل ، وأهل التأويل يقولون : البيت المعمور ، هو في السماء يزوره أهل السماء ، ويطوفونه ، لكن القسم به يبعُد لما يسبق لهم المعرفة والمشاهدة به ، فكيف أقسم بشيء لم يعرفوه ، ولا وقع لهم العلم بالمشاهدة إلا أن يقال : إلا أن القسم به لأهل الكتاب ، وذلك في كتبهم ، يعرفونه . فأما من لم يسبق له الخبر والمعرفة بذلك مشاهدة فبعيد ، والله أعلم .