تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوبٗا مِّثۡلَ ذَنُوبِ أَصۡحَٰبِهِمۡ فَلَا يَسۡتَعۡجِلُونِ} (59)

الآية 59 وقوله تعالى : { فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون } فكأنهم استعجلوا نزول العذاب ، فنزلت هذه الآية على إثر سؤال العذاب كقوله تعالى : { سأل سائل بعذاب واقع } [ المعارج : 1 ] وقوله تعالى : { فأمطر علينا حجارةً من السماء } [ الأنفال : 32 ] فقال عند ذلك : { فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم } أي لهم نصيب من ذلك العذاب مثل نصيب أوائلهم من العذاب ؛ فيكون على التمثيل كما يقال : حَذْوُ النعل بالنعل ، وحذو القذّة وبالقذّة ، ويقال : صاع بصاع ، وكيل بكيل ، أي يُكال عليه مثل ما كيل لغيره ونحو ذلك من الأمثال التي تُضرب .

فعلى ذلك ما ذكرنا من الذنوب ، والله أعلم .

وكذلك ذُكر عن الأصمّ [ أنه ]{[19969]} قال : ذكر الذّنوب ، وهو الدّلو العظيم الذي كانوا يقتسمون به المياه ، وكان من عادة العرب أنهم يجتمعون فيُرسلون دلاءهم في البئر ، فكان كل واحد منهم يأخذ حظّه ونصيبه من الماء ، فيقول لأهل مكة : لا تستعجلوا فإن لكم نصيبا من ذلك العذاب كما كان لأولئك الدّلاء{[19970]} التي تكون في البئر ، فيأخذ كل واحد منهم نصيبه .

وكذلك قال القتبيّ وأبو عوسجة : الذنوب الحظّ والنصيب . وعن ابن عباس رضي الله عنه [ أنه قال : ]{[19971]} سُمّي ذلك العذاب ذنوبا لما يتبع بعضهم بعضا ، والله أعلم .

فيقول : يتبع العذاب هؤلاء كما يتبع أولئك كالدّلاء يتبع بعضها بعضا ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { فلا يستعجلون } أي قد يبلُغون /533-أ/ وفيه فلا تستعجلون العذاب ، وهو الوقت الذي يسألون الرجوع كما أخبر عز وجل : { ربّ ارجعون } [ المؤمنون : 99 ] .


[19969]:ساقطة من الأصل وم.
[19970]:في الأصل وم: كالدلاء.
[19971]:ساقطة من الأصل وم.