تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَۖ ثُمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ} (1)

الآية 1 :

[ قوله تعالى : ]{[6889]} { الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض } الحمد هو الثناء عليه بما صنع إلى خلقه من الخير . ألا ترى أن الذم نقيضه في الشاهد ؟ ويحمد المرء بما صنع من الخير ، ويذم على ضده . فالتحميد هو تمجيد الرب والثناء عليه والشكر له بما أنعم عليه ، والتسبيح هو تمجيد الرب وتنزيهه عما قالت الملحدة فيه من الولد وغيره . والتهليل هو تمجيد الرب وتنزيهه عما جعلوا له من الشركاء والأضداد والوصف له بالوحدانية والربوبية . والتكبير هو تمجيد الرب والوصف له بالعظمة والجلال وتنزيهه عما وصفوه بالعجز والضعف عن أن يكون ينشئ من العظام البالية خلقا .

وقوله تعالى : { الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور } سفههم عز وجل بما جعلوا من الشركاء والأضداد على إقرار منهم أنه خلق السماوات والأرض{[6890]} ، ولم يجعل{[6891]} له شركاء في خلقهما ، وعلى علم منهم أنه علق{[6892]} منافع الأرض بمنافع السماء مع بعد ما بينهما ، كيف جعلوا شركاء يشركونهم في العبادة والربوبية ؟

وقوله تعالى : { وجعل الظلمات والنور } [ وقال الحسن ]{[6893]} : الكفر والإيمان ، وقال غيره من أهل التأويل : الليل والنهار . والنور في الحقيقة ما يكشف عما استتر من الأبصار إبصار الوجوه وإبصار القلوب . والظلمة{[6894]} ما تستر ، وتغطي على الإبصار إبصار الوجوه وإبصار القلوب . فالظلمة تجعل كل شيء مستورا عليه ، والنور يجعل كل شيء كان مستورا ظاهرا باديا عليه . هذا هو تفسير الظلمة والنور حقيقة .

وقوله تعالى : { ثم الذين كفروا بربهم يعدلون } قيل : يشركون مع ما بين لهم ما يدل على وحدانية الرب وربوبيته ، أي جعلوا كل ما يعبدونه دون الله عديلا لله ، وأثبتوا المعادلة بينه وبين الله تعالى ، وليس لله تعالى عديل ولا نديد ولا شريك ولا ولد ولا صاحبة ؛ تعالى الله عما يقول الظالمون { علوا كبيرا } [ الإسراء : 43 ] .

وقال الحسن : { بربهم يعدلون } أي يكذبون .


[6889]:- في م: وقوله صلى الله عليه وسلم، ساقطة من الأصل.
[6890]:- إشارة إلى قوله تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله} [العنكبوت: 61 ولقمان: 25 والزمر: 58 والزخرف: 98].
[6891]:- في الأصل و م: يجعلوا.
[6892]:- في الأصل وم: تعلق.
[6893]:- من م، ساقطة من الأصل.
[6894]:- في الأصل و م: والظلم.