تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ذَٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهۡدِي بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۚ وَلَوۡ أَشۡرَكُواْ لَحَبِطَ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (88)

الآية 88 وقوله تعالى : { ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده } أي ذلك الهدى الذي هدى هؤلاء ، فبهداهم اهتدوا .

وفي الآية نقض قول المعتزلة لأنهم يقولون : إن الله قد شاء أن يهدي الخلائق كلهم ، لكن لم يهتدوا . وعلى قولهم لم يكن من الله إلى الرسل والأنبياء من الهداية والفضل إلا كان ذلك إلى جميع الكفرة . فالآية تكون مسلوبة الفائدة على قولهم لأنه ذكر أنه يهدي من يشاء ، وهم يقولون : شاء أن يهدي الكل ، لكن لم يهتدوا . فإن كان كما ذكروا لم يكن لقوله تعالى : { من يشاء } فائدة . دل أنه من الخلائق من قد شاء ألا يهديهم إذا علم منهم أنهم /154-ب/ لا يهتدون ، ولا يختارون الهدى ، وبالله التوفيق .

وقوله تعالى : { ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون } هذا نبأ عن الحكم فيهم لو أشركوا . إلا أنهم لا يشركون لأن الله قد عصمهم ، واختارهم لرسالته ، واختصهم لنبوته ، فلا يحتمل أن يشركوا . لكن ذكر هذا ليعلموا أن حكمه واحد في من أشرك في الله غيره : وضيعا كان ، أو شريفا .

وقوله تعالى : { لحبط عنهم ما كانوا يعملون } من الحسنات والخيرات التي كانت قبل الإشراك .