تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ إِذَا مَسَّهُمۡ طَـٰٓئِفٞ مِّنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبۡصِرُونَ} (201)

الآية 201 وقوله تعالى : { إن الذين اتقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان } وقيل طيف { من الشيطان } فمن قرأ{[9281]} طيف قال : اللّمّة الخطرة : الشيء يغشاك [ ومن قرأ { طيف } قال هو ]{[9282]} من الطّواف . وقيل الطيف ما يأتيك من الشيطان ، وقيل : الطائف والطيف سواء .

وعن ابن عباس رضي الله عنه : [ أنه قال : ]{[9283]} { إذا مسّهم طائف من الشيطان } إذا أذنبوا ذنبا { تذكّروا فإذا هم مبصرون } يقول : تذكّروا ذنوبهم ، فتابوا منها . وكذلك قال في قوله تعالى : { وإما ينزغنّك من الشيطان نزغ } هو أدنى ذنب يرتكبه .

وإن كان على هذا فهو يخرّج على النهي عن ذلك ، وهو كالخطابات{[9284]} التي خاطب بها رسول الله كقوله تعالى : { ولا تكوننّ من المشركين } [ الأنعام : 14 ] [ وقوله تعالى ]{[9285]} : { فلا تكوننّ من الجاهلين } [ الأنعام : 35 ] [ وقوله تعالى ]{[9286]} : { فلا تكوننّ من الممترين } [ البقرة : 147 ] وإن كان يعلم أنه لا يشك ، ولا يجهل ، ولا يشرك غيره في أمره .

فعلى ذلك هذا الخطاب الذي خاطبه بقوله : { وإما ينزغنّك من الشيطان نزغ } وإن كان ما ذكر هو من أدنى ذنب يرتكبه فهو يخرّج ذلك على تعليمه أمّته أن كيف يفعلون إذا اعترض لهم ذلك ؟ والله أعلم .

وقوله تعالى : { إن الذين اتقوا إذا مسّهم } كذا يحتمل أن يكون قوله { اتقوا } مكايد الشيطان إذا أصابهم شيء من ذلك تذكروا ذلك ، فعرفوا أنه من الشيطان { فإذا هم مبصرون } أي أبصروا أنه من الشيطان ، أو أن يقال : أي هم من أهل البصر ، يبصرون [ ما اتقوه ]{[9287]} أنه من الشيطان .

ويحتمل قوله تعالى : { إن الذين اتقوا } المعاصي إذا أصابهم وسوسة من الشيطان تذكّروا ذلك .

وقال بعض أهل التأويل قوله تعالى : { إن الذين اتقوا } أي اتقوا الشرك . لكن لا كل من اتقى الشرك يكون كما ذكر .

وقوله تعالى : { إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكروا } الآية يحتمل وجوها .

أحدها : إذا مسّهم بذلك تابوا عما كان منهم كقوله تعالى : { والذين إذا فعلوا فاحشة } الآية [ آل عمران : 135 ]

والثاني : تذكروا وجوه حيل دفع وساوسه .

والثالث : تذكروا : استعاذوا به حين أمرهم بالاستعاذة به عند النزغة .


[9281]:أنظر معجم القراءات القرآنية ح2/432.
[9282]:في الأصل وم: وقال: وأما الطائف فهو.
[9283]:في الأصل وم: قال: مدرجة قبل إذا أذنبوا.
[9284]:في الأصل وم: كالمخاطبات
[9285]:ساقطة من الأصل وم.
[9286]:ساقطة من الأصل وم.
[9287]:في الأصل وم: عما اتقوا به.