الآية 205 وقوله تعالى : { واذكر ربك في نفسك تضرّعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال } اختلف أهل التأويل في الذكر الذي ذكر في الآية . منهم من صرف التأويل إلى كل ذكر ، ومنهم من صرف إلى التلاوة . فإن كان ذكر الغدوّ والآصال كناية عن الليل والنهار فهو ذكر أحواله ؟ يذكر الله عز وجل ، بنعمه وإحسانه ، ويذكره{[9335]} بنعمه وشكره ، أو يذكره{[9336]} بقدرته وسلطانه ، وذلك يحمله{[9337]} على الخضوع له والتواضع ، أو يذكر أمره ونهيه ووعده ووعيده .
وذلك يوجب الإقرار بالتقصير والخوف لعقوبته والرغبة في وعده . كأنه قال : { واذكر ربك في } كل حال من الليل والنهار إما لنعمه وإحسانه وإما لإقرار بالتقصير في أمره ونهيه وإما لخوف وعيده وإما لرغبة بوعده . فكأنه قال : { واذكر ربك } تضرّعا وتواضعا وخفية مع الخوف .
وإن كان تأويل الغدوّ والآصال كناية عن الغداة والعشيّ فهو كناية عن التلاوة ، وهو ما سبق من ذكر التلاوة من قوله تعالى : { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا } [ الأعراف : 204 ] وقوله تعالى : { هذا بصائر من ربكم } [ الأعراف : 203 ] وهو قوله تعالى : { ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها } [ الإسراء : 110 ] وتأويله ، والله أعلم : { ولا تجهر بصلاتك } ، في بعض صلاتك { ولا تخافت بها } في بعضها ، أو أن يقال : لا تجهر جهر العالي ، ولا تخافت غاية المخافتة ، ولكن بين ذلك ، أو أن يقول : لا تشتغل بالجهر ولا بالمخافتة ، ولكن اقرأ لما فيه .
فعلى ذلك قوله تعالى : { واذكر ربك في نفسك تضرّعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال } وقرأ بعضهم : وخفية{[9338]} وهو من الإخفاء حيث قال : { واذكر ربك في نفسك } وأما ظاهر القراءة فهو { وخيفة } وهو من الخوف .
وقال مجاهد{[9339]} : رخّص الله أن تذكره : { في نفسك تضرّعا وخيفة } وأنت خلف الإمام تسمع قراءته .
[ وقوله تعالى ]{[9340]} : { والآصال } قال أبو عوسجة : العشيّات ، الواحد : أصل وأصيل .
[ وقوله تعالى ]{[9341]} : { ولا تكن من الغافلين } معلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم يكن من الغافلين في حال ، ولكن [ قال ذلك ]{[9342]} على النهي لأمّته كقوله تعالى : { فلا تكوننّ من الممترين } [ البقرة : 147 ] [ وقوله تعالى ]{[9343]} : { ولا تكوننّ من المشركين } [ الأنعام : 14 ] ونحوه نهاه أن يكون ما ذكر لما ذكرنا نهيا لغيره ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.