تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُۥٓ أَسۡرَىٰ حَتَّىٰ يُثۡخِنَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ تُرِيدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنۡيَا وَٱللَّهُ يُرِيدُ ٱلۡأٓخِرَةَۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (67)

وقوله تعالى : ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ ) قال أبو بكر الكيساني[ في الأصل وم : الكيسائي ] : عاتب الله رسوله وأصحابه في أخذ الأسارى بقوله : ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ ) وبالغ في العتاب في أخذ الفداء من الأسارى بقوله : ( تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ ) .

وكذلك روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنه لما استشار أصحابه في الأسارى أشار أبو بكر إلى أخذ الفداء ، وعمر إلى القتل ، فقال : لو نزل من السماء عذاب ما نجا إلا عمر »[ السيوطي في الدر المنثور4/108 ] عاتبهم بالأخذ أخذ الأسارى وأشد العتاب في أخذ الفداء ، وأمر بالقتل وضرب الرقاب بقوله : ( فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان )[ الأنفال : 12 ] إنما أمر بضرب الرقاب وضرب البنان .

وكذلك يخرج قوله : ( لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ) على العتاب إلى هذا يذهب أبو بكر الأصم .

وعن ابن عباس [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : لم يكن الأنبياء ، صلوات الله عليهم ، في ما مضى يكون لهم أسارى حتى يثخنوا في الأرض .

وعن سعيد بن جبير [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : لا يفادي أسارى المشركين ، ولا يمن عليهم حتى يثخنوا بالقتل ، ثم تلا : ( حتى إذا أتخنتموهم فشدوا الوثاق )[ محمد : 4 ] إلى هذا هؤلاء .

وقوله تعالى : ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى ) يخرج تأويل الآية على وجهين :

أحدهما : يقول : ما كان النبي أن يأخذ من الأسرى الفداء ( حتى يثخن في الأرض ) أي يغلب ؛ حتى إذا أخذ الفداء ، وسرحهم بعد ما غلب في الأرض ، يكون رجوعهم إلى غير منعة وشوكة .

والثاني[ في الأصل وم : و ] : إذا لم يغلب في الأرض ؛ أي حتى يصير الدين كله لله كقوله : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله )الآية[ البقرة : 193والأنفال : 39 ] هذا لمن كان قبله ، فرخص لرسوله .