وقوله تعالى : ( وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ ) قال بعضهم : وعده إياه الإسلام ، فكان استغفاره لأبيه على وعد الإسلام ، فإنما كان استغفاره بعد إسلامه .
ألا ترى أنه قال : ( ربنا وتقبل دعاء ) ( ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين ) ؟ [ إبراهيم : 40و41 ] فإنما طلب له المغفرة في ذلك اليوم ، وقد كان وعد له الإسلام ، لذلك كان استغفر له . ألا ترى أنه تبرأ منه إذ[ في الأصل وم : إذا ] تبين له أنه من أهل النار [ بقوله تعالى : ( إني برىء مما تشركون )[ الأنعام : 78 ] ][ من م ، ساقطة من الأصل ] .
ويحتمل أن يكون استغفار إبراهيم لأبيه طلب السبب الذي به منه يستوجب المغفرة ، وهو التوحيد ، وهو كقول هود لقومه : ( ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه )[ هود : 52 ] وكقوله نوح : ( استغفروا ربكم إنه كان غفارا )[ نوح : 10 ] ليس بأمرهم أن يقولوا : نستغفر الله ، ولكن يأمرهم بالإسلام ليغفر لهم ، ويكونوا من أهل المغفرة . فعلى ذلك استغفار إبراهيم لأبيه ، وكذلك قوله : ( واغفر لأبي إنه كان من الضالين )[ الشعراء : 86 ] أي اعطه السبب الذي به يستوجب المغفرة ؛ وهو التوحيد كان سؤاله سؤال التوحيد ؛ إذ لا يحل طلب المغفرة للكافر ، وفي الحكمة لا يجوز أن يغفر له .
فإن قيل : فإن كان على ما ذكرتم فكيف[ الفاء ساقطة من الأصل وم ] استثنى ( إلا قول إبراهيم لأستغفرن لك ) بعد ما أخبر لنا أن في إبراهيم قدوة بقوله : ( قد كان لكم أسوة حسنة في إبراهيم ) ؟ [ الممتحنة : 4 ] قيل : يحتمل الاستثناء ، ( إلا قول إبراهيم لأبيه ) أي حتى نعلم المعنى من استغفاره لأنا لا نعرف مراد إبراهيم من استغفاره لأبيه . وكذلك استغفار الأنبياء عليهم السلام لقومهم والمتصلين بهم ، فاستثنى ذلك إلى أن نعلم مرادهم من استغفارهم .
وقوله تعالى : ( إن إبراهيم لأواه حليم ) قيل : الأواه الدَّعَّاء . وعلى ذلك روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الأواه ، وقال : الدعاء الخاشع والمتضرع . عن ابن عباس رضي الله عنه [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : الأواه المؤمن ، وقيل : الأواه الفقيه الموقن ، وقيل : المسبح ، وقيل : الأواه المُتَأوِّه حزنا وخوفا .
و( حليم ) قيل : الحكيم ضد السفيه ، وقيل : العليم والحليم هو الذي لا يغضب ، ولا يسفه عند سفه السفيه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.