غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمَا كَانَ ٱسۡتِغۡفَارُ إِبۡرَٰهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوۡعِدَةٖ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُۥٓ أَنَّهُۥ عَدُوّٞ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنۡهُۚ إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ لَأَوَّـٰهٌ حَلِيمٞ} (114)

111

ثم اعتذر عن استغفار إبراهيم لأبيه بأنه صدر عن موعدة وعدها إياه ، وذلك أن أباه كان وعد إبراهيم أن يؤمن فكان يستغفر له بناء على ذلك الوعد . { فلما تبين } لإبراهيم { أنه عدو لله } إما بإصراره على الكفر أو بموته على ذلك أو بطريق الوحي { تبرأ منه } وترك الاستغفار . ويجوز أن يكون الواعد إبراهيم عليه السلام ويوافقه قراءة الحسن { وعدها أباه } بالباء الموحدة وذلك في قوله : { لأستغفرن لك } [ الممتحنة : 4 ] وعده أن يستغفر له رجاء إسلامه . وقيل : المراد من استغفار إبراهيم لأبيه دعاؤه له إلى الإسلام الموجب للغفران ، وكان يتضرع إلى الله تعالى أن يرزقه الإيمان . وقيل : المقصود النهي عن صلاة الجنازة فكان قوله : { ولا تصل على أحد منهم } [ التوبة : 84 ] في حق المنافقين خاصة وهذه في حق الكافرين عامة . ثم ختم الآية بقوله : { إن إبراهيم لأوّاه حليم } قال أهل اللغة : أوّاه «فعال » مأخوذ من حروف «أوه » كلمة يقولها المتوجع ، وذلك أن الروح القلبي يختنق عند الحزن في داخل القلب ويشتد حرارته فإذا تكلم صاحبه بها خرج ذلك النفس المختنق فخفف بعض ما به ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «الأوّاه الخاشع المتضرع » والحلم ضد السفه ، وصفه تعالى بشدّة الرأفة والشفقة والخوف والوجل فبين أن إبراهيم مع هذه العادة تبرأ من أبيه حين انقطع رجاؤه منه فأنتم بهذا المعنى أولى .

/خ119