وقوله تعالى : ( لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ ) الآية ؛ قال بعض أهل التأويل : تاب الله عليهم لزلات سبقت منهم ولهفوات تقدمت من غير أن كان منهم زلات ؛ في هذا يعني في غزوة تبوك ، وهفوات .
أما التوبة على النبي بقوله : ( عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا )[ التوبة : 43 ] وعلى[ الواو ساقطة من الأصل وم ] المهاجرين والأنصار بما[ الباء ساقطة من الأصل وم ] كان منهم يوم أحد ويوم[ الواو ساقطة من الأصل وم ] حنين بقوله[ في الأصل وم : وقوله ] : ( إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم )[ آل عمران : 155 ] وقال بعضهم : تاب عليهم لهفوات كانت منهم في غزوة تبوك ؛ هموا أن ينصرفوا في وقت غير وقت الانصراف .
ويشبه أن تكون التوبة التي ذكر على وجهين سوى ما ذكروا :
[ أحدهما : هو ][ في الأصل وم : وهو ] : أنه تاب عليهم أي جدد عليهم التوبة للهفوات التي تقدمت أو للثبات عليها من غير أن كان منهم في الحدوث شيء . ولكن يكون لذلك حكم التجديد والثبات عليها ، فيكون كسؤال الهدى ، وهم على الهدى كقوله عز وجل ( اهدنا الصراط المستقيم )[ الفاتحة : 6 ] وقوله : ( يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله )[ النساء : 136 ] أي يا أيها الذين آمنوا في ما مضى من الوقت [ آمنوا ][ ساقطة من الأصل وم ] أو اثْبثُوا في ذلك . فعلى ذلك يحتمل أن يكون قوله : ( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار ) أي جدد عليهم التوبة من غير أن كان منهم هفوة ، أو ثبتهم على التوبة التي كانت منهم .
والثاني : أنه ذكر التوبة ؛ وذلك أنهم حين[ في الأصل وم : حيث ] صبروا على ما أصابهم من الشدائد والجهد كشف الله عنهم أشياء كانت مستورة عنهم[ في الأصل وم : عندهم ] ، وجلا لهم أعطية كانت لا تتجلى لهم من قبل .
لكن انجلى ذلك لهم ، وانكشف لصبرهم على الشدائد التي أصابتهم [ كقوله : ( الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ) ][ من م ، ساقطة من الأصل ][ البقرة : 156 ] لما صبروا على ما أصابهم من المصائب [ ازدادوا هم ][ في الأصل ازدادهم ، في م : ازداد لهم ] تفويضا [ وتسليما للأمر ][ في الأصل وم : وتسليم الأمر ] والمرجع إليه ، وكقوله : ( ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله )الآية[ التغابن : 11 ] زاد[ في الأصل وم : ازداد لهم ] لهم بما صبروا هدى ، وتجلى لهم أشياء ، لم تكن من قبل .
فعلى ذلك تحتمل التوبة التي ذكر أنهم لما صبروا على ما أصابهم من الشدة والجهد تجلى لهم أشياء كانت مغطاة ، والله أعلم ؛ فإنه ذكر ( مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ) ولم يذكر أنها زاغت ، وذكر قلوب فريق منهم ، ولم يذكر قلوب الكل كما ذكرنا .
ويحتمل ذكر التوبة على النبي الإشراك[ أدرج قبلها في الأصل وم : على ] له مع المؤمنين من غير أن كان له ذنب ؛ لأنه أخبر أن ذنبه مغفور بقوله : ( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر )[ الفتح : 2 ] فهو كما أشركه في الاستغفار كقوله : ( واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات )[ محمد : 19 ] أمره بالاستغفار لذنبه على الإشراك له مع استغفار المؤمنين ؛ إذ أخبر أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .
والتوبة من الله تعالى تخرج على وجوه :
أحدها : التوفيق ؛ وفقهم للتوبة ، وأكرمهم بها ، كقوله : ( ثم تاب عليهم ليتوبوا )[ التوبة : 118 ] أي وفقهم للتوبة ، فتابوا .
والثاني : التوفيق ؛ وفقهم للتوبة ، وأكرمهم بها ، كقوله : ( ثم تاب عليهم ليتوبوا )[ التوبة : 118 ] أي وفقهم للتوبة ، فتابوا .
والثاني : التوبة منه قبولها منهم ؛ أي يقبل منهم التوبة كقوله : ( إن الله هو التواب الرحيم )[ التوبة : 118 ] .
والثالث : تاب عليهم ؛ أي تجاوز عنهم ، وعفا ، وصفح عنهم .
على هذه الوجوه الثلاثة تخرج إضافة التوبة إلى الله ،
وقوله تعالى : ( الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ ) قيل : هي عسرة النفقة ، وعسرة الظهر .
وقوله تعالى : ( مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ) ذكر في بعض القصة أنه قد أصابهم من الجهد والشدة حتى إن الرجلين ليقسمان التمرة بينهما ، وكانت التمرة يتداولون بينهم ، يمصها هذا ، ثم يشرب عليها الماء ، ثم يمصها هذا . ذكر نحو هذا ، ولكن لا ندري كيف كان الأمر ؟ سوى أنه أخبر أن قلوبهم كادت تزيغ من الجهد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.