وقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ ) عن ابن عباس رضي الله عنه أن المنافقين اتخذوا مسجدا ، فلما فرغوا منه جاؤوا إلى نبي الله ، وهو يتجهز لغزوة تبوك ، فقالوا يا رسول الله بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة واللية المطيرة ، وإنا نحب يا رسول الله أن تأتينا ، فتصلي فيه ، قال رسول الله : أنا على سفر وحال شغل ، ولو قدمنا من سفرنا آتيناكم ، فصلينا لكم فيه ، إن شاء الله ، فأنول الله على رسوله : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً ) الآية أخبر يه أنهم لم يقصدوا ببناء مسجدهم ذلك ما ذكروا أنا بنيناه لذل العلة والحاجة والليلة المطيرة والإشفاق على الدين وحفظ الصلاة بالجماعة ، ولكن يقصدون به ضَرّاً وكفرا وتفريقا بين المؤمنين .
وقوله تعالى : ( مسجدا ضرارا ) بين المؤمنين ، يكون قوه : ( وتفريقا بين المؤمنين ) تفسيرا لقوله ( ضرارا ) تفسير لقوله ( ضرارا ) يقصدون ببناء المسجد ( الذين بنوا زينة )[ التوبة : 110 ] أن يفرقوا بين المؤمنين وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا جاءهم العدو وجدهم متفرقين ، فيكون أيسر وأهون عليهم في الكسر عليهم والظفر بهم من أن كانوا مجموعين .
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «لن يغلب اثنا عشر ألفا كلمتهم واحدة »[ أبو داوود2611 ] [ وقال تعالى ][ في الأصل وم : وقوله ] : ( ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم )[ آل عمران : 103 ] جعل الاجتماع في الدنيا نعمة ، ونهاهم عن التفرق ، وهم كانوا يقصدون بذلك أن يفرقوا بين ضعفة من المؤمنين وبين رسول الله ، فيُلبِسوا الله ، عليهم الدين لأنهم كانوا أهل لسان وجدل ، وذلك كله كفر على ما ذكر .
وفيه دلالة إثبات رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لأنه معلوم أنهم أسروا ، وأضمروا في ما بينهم من الضرار والكفر والتفريق بين المؤمنين ، فأطلع الله نبيه على ما أسروا ليُعلم أنه إنما عرف ذلك بالله تعالى .
وقوله تعالى : ( و إرصادا لمن حارب الله ورسوله ) أي بنوا ذلك المسجد إرصادا لمن حارب الله ورسوله .
قال عامة أهل التأويل : هو ابو عامر [ الراهب ][ ساقطة من الأصل وم ] ؛ [ ذكر أن أبا عامر ][ من م ، ساقطة من الأصل ] حارب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم فر منه ، فقال للمنافقين[ من م ، في الأصل : للمنافق ] : ابنوا مسجدا ، واستعدوا ، فإني ذاهب إلى قيصر بالشام ، فآت بجند فنخرج محمدا وأصحابه من المدينة ، فذهب إلى قيصر بالشام ، فبنوا مسجدا إرصادا لمن حارب الله ورسوله ؛ يعني أبا عامر[ في الأصل وم : عمر ] .
قال القتبي : ( ضرارا ) أي مضارة ( وإرصادا ) أي ترقبا بالعداوة . وقال أبو عوسجة : ( ضرارا ) مضارة ( وإرصادا لمن حارب الله ورسوله ) أي وقوفا وانتظارا الفرصة لمن حار الله على المؤمنين .
وقوله تعالى : ( وليحلفن إن أردنا ) أي حلفوا ما أردنا باتخاذ المسجد ( إلا الحسنى ) والخير ( والله يشهد إنهم لكاذبون ) فيه ما ذكرنا من الدلالة على إثبات الرسالة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.