تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلتَّـٰٓئِبُونَ ٱلۡعَٰبِدُونَ ٱلۡحَٰمِدُونَ ٱلسَّـٰٓئِحُونَ ٱلرَّـٰكِعُونَ ٱلسَّـٰجِدُونَ ٱلۡأٓمِرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡحَٰفِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (112)

وقوله تعالى : ( التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ ) إلى آخره ، قال بعضهم : على الصلة بالأول في ما ذكر من الشرى والوعد لهم الجنة إذا كانوا على الوصف الذي ذكره . وكذلك ذكر في حرف ابن مسعود وأبي [ بن كعب ][ ساقطة من الأصل وم ] رضي الله عنه أن الله اشترى من المؤمنين التائبين العابدين الحامدين[ انظر معجم القراءات القرآنية ح3/47 ] على الصلة بالأول بالكسر إلى قوله ( والحافظون لحدود الله ) قرآها . والقائمين على حدود الله ( أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ) .

ومنهم من قال : على الابتداء بالرفع : ( التائبون العابدون الحامدون ) إلى آخره . ويشبه أن يكون الشراة الذي ذكر في أول[ من م ، في الأصل : الأول ] الآية ، وما وعد لهم ببذل أنفسهم وأموالهم في الجهاد يكون ذلك أيضا في غيره من الطاعات والخيرات من بذل النفس لله في ما ذكر من العبادة والجهاد . وما ذكر في الآية فهو بائع نفسه منه كقوله : ( ومن الناس من يشتري نفسه ابتغاء مرضاة الله )[ البقرة : 207 ] ونحوه .

وقوله تعالى : ( التائبون ) يحتمل : ( التائبون ) من الشرك أو من جميع المعاصي/223-أ/ ( العابدون ) يحتمل الموحدين[ في الأصل وم : الموحدون ] ، ويحتمل ( العابدين ) جميع أنواع العبادة و( الحامدون ) قيل : الشاكرون ، وقيل : المثنون على الله .

فإن كان قوله : ( العابدون ) يحتمل من العبادة [ يكن ( الحامدون ) المثنين ][ في الأصل وم : فيكون المثنون ] على الله لأن العبادات كلها شكر . وإن كان قوله ( العابدون ) الموحدين [ يكن قوله ( الحامدون ) الشاكرين ][ في الأصل وم : يكون قوله الشاكرون ] النعم التي أنعمها الله عليهم .

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( السائحون ) قيل : الصائمون وعلى ذلك روي عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن السائحين ، فقال : هم الصائمون ، و قال : «وسياحة أمتي الصيام »[ القرطبي في تفسيره : 4/189 ] .

وقال القتبي : وأصل السائح : الذاهب في الأرض ، ومنه يقال : سائح إذا جرى ، وذهب ، والسائح في الأرض ممتنع من الشهوات ، فشبه الصائم[ في الأصل وم : الصيام ] به لإمساكه في صومه عن المطعم والمشرب وجميع اللذات .

وقال أبو عوسجة : هم اللذين يمضون على وجوههم في الأرض ، ليست [ لهم ][ من م ، ساقطة من الأصل ] منازل ؛ يقال : ساح يسيح سيحا وسياحة .

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ ) قيل المصلون ، وقيل : الخاضعون لله ، والخاشعون له ، وكذلك ذكر في حرف حفصة .

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ) يحتمل التوحيد ؛ أي آمرون بتوحيد الله ، ويحتمل ( الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ) لهم بالخيرات كلها ( والناهون عن المنكر ) الشرك ، ويحتمل كل معصية .

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ) قال بعضهم : لفرائض الله التي فرضها على عباده ، وقال بعضهم : لسنن الله ، وهم[ في الأصل وم : ولكن ] حافظون جميع أحكام الله ، ويجاوزون ما حد لهم ، ولا يفرطون فيها .

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( وبشر المؤمنين ) يحتمل البشارة لهؤلاء الذين سبق ذكرهم ، ويحتمل على الابتداء ، أي بشر جميع المؤمنين ( بأن لهم من الله فضلا كبيرا )[ الأحزاب : 47 ] والله أعلم .