وقوله تعالى : ( يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ )الآية قد جعل الله تعذيب الكفرة في الآخرة بالأسباب التي منعتهم[ في الأصل وم : منعهم ] عن طاعة الله ، ودعتهم إلى مخالفة أمره ، ويجمع بينهما في النار كقوله : ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض شيطانا فهو له قرين )[ الزخرف : 36 ] وقوله ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم )[ الصافات : 22 ] ونحو ذلك . فعلى ذلك ما كنزوا ( يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ) يعذبهم بها لما منعتهم تلك الأموال عن طاعته ودعتهم إلى صد الناس عن سبيل الله ، يجعل عذابهم في الآخرة بها .
ويحتمل قوله : ( جباههم ) كناية على التقديم إلى الآخرة أي لم يقدموها ، ولم ينفقوها في سبيل الله ، وقوله ( وجنوبهم ) لما أخذوها مما يحل ومما لا يحل من كل جهة ، وقوله وظهورهم لما أنفقوها في الصد عن سبيل الله .
ويحتمل ذكر هذا إحاطة العذاب بهم من كل الجهات كقوله : ( لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش )[ الأعراف : 41 ] وقوله : ( لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل )[ الزمر : 16 ] أي يحيط العذاب بهم . فعلى ذلك هذا الله أعلم ، وكقوله ( أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة )[ الزمر : 24 ] أي يحيط بهم حتى لا يقدروا على رفعه عن وجوههم .
وقوله تعالى : ( يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ ) الآية روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا جعلت له يوم القيامة صفائح ، ثم أحمي عليها من نار جهنم ثم يكوى بها جبينه وجبهته وظهره ( في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة )[ المعارج : 4 ] حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار »[ مسلم 26/987 ] وقال[ في الأصل وم : و ] : «ما من صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي حقها إلا أتى يوم القيامة تطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها »[ بنحوه البخاري 1402 ] ثم ذكر فيه ما ذكر في الأول فقالوا[ في الأصل وم : قالوا ] : يا رسول الله فصاحب الخيل ؟ قال : «هي لثلاث : لرجل أجر ولرجل ستر ولرجل وزر ؛ فأما من ربطها عدة في سبيل الله فإنه طول لها/213-أ/ في مرج خصيب أو في روضة خصيبة كتب الله له عدد ما أكلت حسنات وعدد أرواثها حسنات ولو انقطع طوالها له ذلك ، فاستنت شرفا أو شرفين كتب الله له عدد آثارها حسنات ، ولو مرت بنهر ثجاج[ في الأصل وم : عجاج لا ] يريد السقي به ، فشربت منه كتب الله له عدد ما شربت حسنات ومن ارتبطها فخرا وعزا على المسلمين كانت له بورا[ في الأصل وم : وزر ] يوم القيامة ، ومن ارتبطها تغنيا وتعففا ثم لم ينسى حق الله في رقابها وظهورها كانت له سترا من النار يوم القيامة »[ الطحاوي في شرح معاني الآثار5337 ] .
فإن تبث هذا الخبر عن رسول صلى الله عليه وسلم ففيه دلالة وجوب الزكاة في الخيل وهو حجة لأبي حنيفة بأنه قال : «ثم لم ينسى حق الله في رقابها وظهورها » والحق الذي في رقابها هو [ الزكاة ، والذي في ظهورها هو ][ من م ساقطة من الأصل ] الجهاد عليها ، الله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.