النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَأَنِ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوٓاْ إِلَيۡهِ يُمَتِّعۡكُم مَّتَٰعًا حَسَنًا إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى وَيُؤۡتِ كُلَّ ذِي فَضۡلٖ فَضۡلَهُۥۖ وَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٖ كَبِيرٍ} (3)

قوله عز وجل : { وَأَنِ اسْتَغفْفِرُواْ رَبَّكمْ ثُمَّ تُوبُوا إلَيْهِ } فيه وجهان :

أحدهما : استغفروه من سالف{[1354]} ذنوبكم ثم توبوا إليه من المستأنف متى وقعت منكم . قال بعض العلماء : الاستغفار بلا إقلاع توبة الكذابين . الثاني : أنه قدم ذكر الاستغفار لأن المغفرة هي الغرض المطلوب والتوبة هي السبب إليها ، فالمغفرة أوّل في الطلب وآخر في السبب .

ويحتمل ثالثاً : أن المعنى استغفروه من الصغائر وتوبوا إليه من الكبائر { يُمَتِّعْكُم متَاعاً حَسَناً } يعني في الدنيا وفيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه طيب النفس وسعة الرزق .

الثاني : أنه الرضا بالميسور ، والصبر على المقدور .

الثالث : أنه ترْك الخلق والإقبال على الحق ، قاله سهل بن عبد الله ويحتمل ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه الحلال الكافي .

الثاني : أنه الذي لا كد فيه ولا طلب .

الثالث : أنه المقترن بالصحة والعافية{[1355]} .

{ إِلَى أَجَلٍ مسَمًّى } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : إلى يوم القيامة ، قاله سعيد بن جبير .

الثاني : إلى يوم الموت ، قاله الحسن . الثالث : إلى وقت لا يعلمه إلا الله تعالى ، قاله ابن عباس .

{ وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } فيه وجهان :

أحدهما : يهديه إلى العمل الصالح ، قاله ابن عباس .

الثاني : يجازيه عليه في الآخرة ، على قول قتادة . ويجوز أن يجازيه عليه في الدنيا ، على قول مجاهد .

{ وَإن تَوَلَّوْا } يعني عما أُمرتم له .

{ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } وفيه إضمار وتقدير : فقل لهم إني أخاف عليكم عذاب يوم كبير يعني يوم القيامة وصفه بذلك لكبر الأمور التي هي فيه .


[1354]:نقل القرطبي هذا الكلام حرفيا انظر تفسيره 9/3.
[1355]:سقط من ق.