ثم عطف على قوله : { أن لا تعبدوا } قوله :{ وأن استغفروا } أي اطلبوا من ربكم المغفرة لذنوبكم . ثم بين الشيء الذي به يطلب ذلك وهو التوبة فقال : { ثم توبوا إليه } فالتوبة مطلوبة لكونها من متممات الاستغفار ، وما كان آخراً في الحصول كان أولاً في الطلب ، فلهذا قدم الاستغفار على التوبة . وقيل : استغفروا أي توبوا ثم قال : { توبوا } أي أخلصوا التوبة واستقيموا عليها . وقيل : استغفرا من سالف الذنوب ثم توبوا من أنف الذنوب . وقيل : استغفروا من الشرك ثم ارجعوا إليه بالطاعة . وقيل : الاستغفار أن يطلب من الله الإعانة في إزالة ما لا ينبغي ، والتوبة سعي الإنسان في الطاعة والاستعانة بفضل الله مقدم على الاستعانة بسعي النفس . ثم رتب على الامتثال أمرين : الأول التمتع بالمنافع الدنيوية إلى حين الوفاة كقوله { فلنحيينه حياة طيبة } [ النحل :97 ] .
سؤال : كيف الجميع بين هذا وبين قوله تعالى : { ولولا أن يكون الناس أمة واحدة } { الزخرف :33 ] وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " الدنيا سجن المؤمن " " البلاء موكل بالأنبياء ثم بالأولياء " ؟ وأجيب بأن المراد أن لا يهلكهم بعذاب الاستئصال أو يرزقهم كيف كان . والجواب الثاني أن الإِنسان إذا كان مشغولاً بطاعة الله مستغرقاً في نور معرفته وعبادته كان مبتهجاً في نفسه مسروراً في ذاته ، هيناً عليه ما فاته من اللذات العاجلة ، قانعاً بما يصيبه من الخيرات الزائلة . الثاني قوله : { ويؤت } أي في الآخرة { كل ذي فضل فضله } أي موجب فضل ذلك الشخص ومقتضاه يعني الجزاء المرتب على عمله بحسب تزايد الطاعات . وتسمية العمل الحسن فضلاً تشريف ويجوز أن يعود الضمير في { فضله } إلى الله تعالى . وفيه تنبيه على أن الدرجات في الجنة تتفاضل بحسب تزايد الطاعات . ثم أوعد على مخالفة الأمر فقال : { وإن تولوا } أي تتولوا فحذفت إحدى التاءين والمعنى إن تعرضوا عن الإِخلاص في العبادة وعن الاستغفار والتوبة { فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير } هو يوم القيامة الموصوف بالعظم والثقل أيضاً { ويذورن وراءهم يوماً ثقيلاً } [ الدهر :27 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.