الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَأَنِ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوٓاْ إِلَيۡهِ يُمَتِّعۡكُم مَّتَٰعًا حَسَنًا إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى وَيُؤۡتِ كُلَّ ذِي فَضۡلٖ فَضۡلَهُۥۖ وَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٖ كَبِيرٍ} (3)

وأن عطف على الأول{ وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ } أي ارجعوا إلى الله بالطاعة والعبادة ، وقال الفرّاء : ثُمّ هاهنا بمعنى ( الواو ) أي وتوبوا إليه لأنّ الاستغفار من التوبة ، والتوبة من الاستغفار { يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً } أي يعيشكم عيشاً في [ منن ] ودعة وأمن وسعة [ رزق ] ، { إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى } وهو الموت { وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } ويؤتِ كل ذي عمل مبلغ أجره وثوابه [ سمى فضله ] باسم الابتداء .

قال ابن مسعود : من عمل سيئة كتبت عليه سيئة ، ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات ، فإن عوقب بالسيئة التي عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات ، وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر ، واحدة وبقيت له تسع سنات ثم قال : هلك من غلبت آحاده عشراته .

وقال ابن عباس : من زادت حسناته على سيئاته دخل الجنة ، ومن زادت سيئاته على حسناته دخل النار ، ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أهل الأعراف ، ثم يدخلون الجنة بعد ، وقال أبو العالية : من زادت طاعته في الدنيا زادت درجاته في الجنة ، لأن الدرجات تكون بالأعمال . وقال مجاهد : إن ما يحتسب الإنسان من كلام يقوله بلسانه ، أو عمل يعمله بيده ورجله ، أو ما يتصدّق به من حق ماله .

{ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } وهو يوم القيامة .