النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَيَٰقَوۡمِ لَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شِقَاقِيٓ أَن يُصِيبَكُم مِّثۡلُ مَآ أَصَابَ قَوۡمَ نُوحٍ أَوۡ قَوۡمَ هُودٍ أَوۡ قَوۡمَ صَٰلِحٖۚ وَمَا قَوۡمُ لُوطٖ مِّنكُم بِبَعِيدٖ} (89)

قوله عز وجل : { ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي } في { يجرمنكم } تأويلان :

أحدهما : معناه لا يحملنكم ، قاله الحسن وقتادة .

والثاني : معناه لا يكسبنكم{[1390]} ، قاله الزجاج .

وفي قوله : { شقاقي } ثلاثة تأويلات :

أحدها : إضراري ، قاله الحسن .

الثاني : عداوتي ، قاله السدي ومنه قول الأخطل :

ألا من مبلغ قيساً رسولاً{[1391]} *** فكيف وجدتم طعمَ الشقاق

الثالث : فراقي ، قاله قتادة .

{ أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوحٍ } وهم أول أمة أهلكوا بالعذاب .

{ أو قوم هودٍ أو قوم صالحٍ وما قوم لوطٍ منكم ببعيدٍ } فيه وجهان :

أحدهما : يعني بعد الدار لقربهم منهم ، قاله قتادة .

الثاني : بعد العهد لقرب الزمان .

ويحتمل أن يكون مراداً به قرب الدار وقرب العهد [ معا ] .

وقد أهلك قوم هود بالريح العاصف ، وقوم صالح بالرجفة والصيحة ، وقوم لوط بالرجم{[1392]} .


[1390]:أي لايكسبنكم شقاقي إصابتكم بالعذاب كما أصاب من كان قبلكم.
[1391]:رسولا هنا بمعنى رسالة.
[1392]:المراد أمطار حجارة السجيل عليهم بعد أن جعل الله قراهم عاليها سافلها.