النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قَالُواْ يَٰشُعَيۡبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأۡمُرُكَ أَن نَّتۡرُكَ مَا يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَآ أَوۡ أَن نَّفۡعَلَ فِيٓ أَمۡوَٰلِنَا مَا نَشَـٰٓؤُاْۖ إِنَّكَ لَأَنتَ ٱلۡحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ} (87)

قوله عز وجل : { قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا } في { صلاتك } ثلاثة أوجه :

أحدها : قراءتك ، قاله الأعمش .

الثاني : صلاتك التي تصليها لله تعبّداً .

الثالث : دينك الذي تدين به وأمرت باتباعه لأن أصل الصلاة الإتباع ، ومنه أخذ المصلي في الخيل . { تأمرك } فيه وجهان :

أحدهما : تدعوك إلى أمرنا .

الثاني : فيها أن تأمرنا أن نترك ما يعبد آباؤنا يعني من الأوثان والأصنام .

{ أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : ما كانوا عليه من البخس والتطفيف .

الثاني : الزكاة ، كان يأمرهم بها فيمتنعون منها ، قاله زيد بن أسلم وسفيان الثوري .

الثالث : قطع الدراهم والدنانير لأنه كان ينهاهم عنه ، قال زيد بن أسلم . { إنك لأنت الحليم الرشيد } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أنهم قالوا ذلك استهزاء به ، قاله قتادة .

الثاني : معناه أنك لست بحليم ولا رشيد على وجه النفي ، قاله ابن عباس .

الثالث : أنهم اعترفوا له بالحلم والرشد على وجه الحقيقة وقالوا أنت حليم رشيد فلِم تنهانا أن نفعل في أموالنا ما نشاء ؟ والحلم والرشد لا يقتضي منع المالك من فعل ما يشاء في ماله ، قاله ابن بحر{[1388]} .


[1388]:سقط من ق، وقد نقله القرطبي وادعاه لنفسه. وشبيه به قول يهود بني قريظة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال لهم: يا أخوة القردة فقالوا يا محمد ما علمناك جهولا. انظر تفسير القرطبي 9/87.