قوله تعالى : { وَقَالَ نِسْوَةٌ } النسوةُ فيها أقوالُ ، المشهور أنها جمعُ تكسير للقلة على فِعْله كالصِّبْيَة والغِلْمَة . ونصَّ بعضُهم على عَدَمِ اطِّرادها وليس لها واحدٌ مِنْ لفظها . والثاني : أنها اسمٌ مفردٌ لجمع المرأة ، قاله الزمخشري . والثالث : أنها اسمُ جمعٍ/ قاله أبو بكر بن السراج وكذلك أخواتها كالصِّيْبَة والفِتْية . وعلى كل قولٍ فتأنيثها غير حقيقي باعتبار الجماعة ، ولذلك لم يلحق فعلَها تاءُ التأنيث ، والمشهورُ كسرُ نونها ، ويجوز ضمُّها في لغةٍ ، ونقلها أبو البقاء قراءةً ولم أَحْفَظْه ، وإذا ضُمَّتْ نونُه كان اسمَ جمع بلا خلاف ، ويُكسَّر في الكثرة على نِسْوان ، والنساء جمع كثرة أيضاً ولا واحدَ له من لفظه ، كذا قال الشيخ ، ومقتضى ذلك أن لا يكونَ النساءُ جمعاً لنسوة لقوله : " لا واحد له من لفظه " .
و " في المدينة " يجوز تعلُّقه بمحذوفٍ صفةً لنسوة وهو الظاهر ، و ب " قال " وليس بظاهر .
قوله : { تُرَاوِدُ } خبر " امرأة العزيز " ، وجيء بالمضارع تنبيهاً على أن المراوَدَةَ صارَتْ سَجِيَّةً لها ودَيْدَناً ، دون الماضي ، فلم يَقُلن " راوَدَتْ " . ولام " الفتى " ياء لقولهم الفتيان وفُتَيّ ، وعلى هذا فقولُهم " الفتوَّة " في المصدر شاذ .
قوله : { قَدْ شَغَفَهَا } هذه الجملةُ يجوز أن [ تكون ] خبراً ثانياً ، وأن تكونَ مستأنفة ، وأن تكونَ حالاً : إمَّا من فاعل " تُراوِدُ " وإمَّا مِنْ مفعوله . و " حبَّاً " تمييزٌ ، وهو منقولٌ من الفاعلية ، والأصل : قد شَغَفها حبُّه . والعامَّة على " شَغَفها " بالغين المعجمة مفتوحةً بمعنى خَرَقَ شِغاف قلبها ، وهو مأخوذ من الشَّغاف والشَّغاف : حجاب القلب جُليْدَة رقيقة . وقيل : سويداء القلب . وقيل : داءٌ يَصل إلى القلب من أجل الحب وقيل : جُلَيْدَةٌ رقيقة يقال لها لسان القلب ليسَتْ محيطةً به ، ومعنى شَغَفَ قلبَه ، أي : خرق حجابَه أو أصابه فأحرقه بحرارة الحبِّ ، وهو مِنْ شَغَفَ البعيرَ بالهِناء إذا طَلاَه بالقَطِران فأحرقه . والمَشْغوف : مَنْ وصل الحبُّ لقلبه ، قال الأعشى :
2768 تَعْصِي الوُشاةَ وكان الحُبُّ آوِنَةً *** مِمَّا يُزَيِّنُ للمَشْغوف ما صنعا
2769 وقد حالَ هَمٌّ دونَ ذلك والِجٌ *** مكانَ الشَّغافِ تَبْتَغيه الأصابعُ
وقرأ ثابت البناني بكسر الغين . قيل : وهي لغة تميم .
وقرأ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وعلي بن الحسين وابنه محمد وابنه جعفر والشعبي وقتادة بفتح العين المهملة ، وروي عن ثابت البناني وأبي رجاء كَسْرُ المهملة أيضاً . واختلف الناس في ذلك فقيل : هو مِنْ شَعَفَ البعيرَ إذا هَنَأَ فأحرقه بالقَطِران ، قاله الزمخشري ، وأنشد :
2770 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** كما شَعَفَ المَهْنُؤْءَةَ الرجلُ الطالي
والناسُ إنما يَرْوونه بالمعجمة ويُفَسِّرونه بأنه أصاب حبي شَغَافَ قلبها أي أحرق حجابَه ، وهي جُلَيْدَة رقيقة دونه ، " كما شَغَفَ " ، أي : كما أَحْرق وبالغ المهنوءة ، أي : المَطْلِيَّة بالهِناء وهو القَطِران ، ولا ينشدونه بالمهملة .
وقال أبو البقاء لمَّا حكى هذه القراءة : " مِنْ قولك : فلان مَشْعوفٌ بكذا ، أي : مُغْرى به ، وعلى هذه الأقوال فمعناها متقارب . وفرَّق بعضُهم بينهما فقال ابن زيد : " الشَّغَف يعني بالمعجمة في الحب ، والشَّعَفُ في البغض " . وقال الشعبي : " الشَّغَف والمَشْغوف بالغين منقوطةً في الحُبِّ ، والشَّعَفُ الجنون ، والمَشْعوف : المجنون " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.