النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{فَوَجَدَا عَبۡدٗا مِّنۡ عِبَادِنَآ ءَاتَيۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنۡ عِندِنَا وَعَلَّمۡنَٰهُ مِن لَّدُنَّا عِلۡمٗا} (65)

{ فَوَجداَ عبْداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا } فيه أربعة تأويلات :

أحدها : النبوة ، قاله مقاتل :

الثاني : النعمة .

الثالث : الطاعة .

الرابع : طول الحياة .

{ وعلّمناه من لدُنا عِلْماً } قال ابن عباس : لما اقتفى موسى أثر الحوت انتهى إلى رجل راقد وقد سجي عليه ثوبه ، فسلم عليه موسى ، فكشف ثوبه عن وجهه وردّ عليه السلام وقال : من أنت ؟ قال : موسى . قال صاحب بني إسرائيل ؟ قال : نعم . قال : وما لك في بني إسرائيل شغل ، قال : أمرت أن آتيك وأصحبك .

واختلفوا في الخضر هل كان مَلَكاً أو بشراً على قولين :

أحدهما : أنه كان ملكاً أمر الله تعالى موسى أن يأخذ عنه مما حمّله إياه من علم الباطن .

الثاني : أنه كان بشراً من الإنس .

واختلف من قال هذا على قولين :

أحدهما : كان نبياً لأن الإنسان لا يتعلم ولا يتبع إلا من هو فوقه ، ولا يجوز أن يكون فوق النبي من ليس بنبي ، قال مقاتل : هو ليسع لأنه وسع علمه ست سماوات وست أرضين .

الثاني : أنه لم يكن نبياً وإنما كان عبداً صالحاً أودعه الله تعالى مِن علْم باطن الأمور ما لم يودع غيره ، لأن النبي هو الداعي ، والخضر كان مطلوباً ولم يكن داعياً طالباً ، وقد ذكر أن سبب تسميته بالخضر لأنه كان إذا صلى في مكان اخضرّ ما حوله .