أي يقصان الأثر قصصا حتى انتهيا إلى أثر الحوت { فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا } [ 64 ] أي وجدا {[43137]} خضرا .
وكان سبب سفر موسى لطلب الخضر فيما روى {[43138]} جماعة من المفسرين أنه سئل هل في الأرض أعلم منك ؟ فقال : لا [ و {[43139]} ] حدثته نفسه {[43140]} بذلك . فكره له ذلك {[43141]} فأراد الله [ عز وجل {[43142]} أن يعرفه أن من عباده في الأرض من {[43143]} هو أعلم منه {[43144]} .
وقيل : إن موسى [ صلى الله عليه وسلم ] ركب البحر فأعجبه علمه ، فقال : في نفسه : ما أجد في زماني أعلم مني . فرفع عصفور في منقاره نقطة من ماء البحر فأوحى الله [ عز وجل ] {[43145]} إليه ما علمك عند علم عبد من عابدي إلا كما حمل هذا العصفور من ماء هذا البحر في منقاره . فقال : يا رب اجمع بيني وبين هذا العالم وسخره حتى أعلم علما من علمه . فأوحى الله [ عز وجل ] {[43146]} إليه أنك تستدل عليه ببعض زادك . فمضى ومعه غلامه ومعهما خبزه وحوت وقد أكلا بعضه . فكان من قصتهما ما حكى الله [ عز وجل ] {[43147]} عنهما وعن الحوت {[43148]} .
وقيل : كان سبب ذلك أنه سأل الله [ عز وجل ] {[43149]} أن يدله على عالم يزداد من علمه . قاله ابن عباس {[43150]} : سأل موسى [ صلى الله عليه وسلم ] ربه [ عز وجل ] {[43151]} : أي ربي ، أي عبادك {[43152]} أحب إليك ؟ قال : الذي يذكرني فلا ينساني . قال : فأي عبادك أقضى ؟ قال : الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى {[43153]} . قال : ربي {[43154]} فأي عبادك أعلم ؟ قال : الذي يبتغي علم الناس في الأرض أجده ؟ قال : نعم . قال : رب فمن هو ؟ قال : الخضر . قال : وأين أطلبه ؟ قال : [ على {[43155]} ] الساحل عند السخرة التي ينفلت عندها الحوت . فخرج موسى [ صلى الله عليه وسلم ] يطلبه {[43156]} . حتى كان ما ذكر الله [ عز وجل ] {[43157]} وانتهى موسى [ صلى الله عليه وسلم ] إليه عند الصخرة فسلم كل واحد منهما على صاحبه فقال : له موسى : إني أريد أن تصحبني . قال : له الخضر : إنك لن تستطيع {[43158]} صحبتي . قال : له موسى : بلى . قال : له الخضر : فإن صحبتني { فلا تسألني {[43159]} عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا } [ 69 ] فكان ما قص {[43160]} الله [ عز وجل ] {[43161]} علينا من أمر السفينة والغلام والجدار . ثم صار به الخضر في البحر حتى انتهى إلى مجمع البحور {[43162]} وليس في مكان أكثر ماء منه . قال : ابن عباس : وبعث ربك الخطاف فجعل يستقي من ذلك الماء العظيم بمنقاره . فقال : الخضر [ لموسى ] {[43163]} : كم {[43164]} ترى هذا الخطاف رزا من هذا الماء ؟ قال : ما أقل [ ما ] {[43165]} رزأ منه . قال : يا موسى فإن علمي وعلمك في علم الله كقدر ما استقى هذا الخطاف من هذا الماء . وكان موسى يحدث نفسه أنه ليس أحدا أعلم منه {[43166]} .
ومن رواية ابن جبير عن ابن عباس أيضا : خطب {[43167]} موسى بني إسرائيل . فقال : ما أجد {[43168]} أعلم بالله وبأمره مني ، فأمر أن يلقى الخضر . فلما اقتص موسى أثر الحوت انتهى إلى رجل راقد قد سجى عليه ثوبه ، فسلم عليه موسى ، فكشف الرجل عن وجهه الثوب/ فرد عليه السلام . فقال : من أنت ؟ فقال : موسى قال : صاحب بني إسرائيل ؟ قال : نعم . قال : أو ما كان لك في بني إسرائيل شغل {[43169]} ؟ قال : بلى ، ولكن أمرت أتبعك {[43170]} وأصحبك { قال إنك لن تستطيع معي صبرا } [ 71 ] كما قص الله علينا {[43171]} .
ويروى أن موسى قال : له : وما يدريك أني صاحب بني إسرائيل ؟ قال : له : ادراني بكل الذي ادراك بي .
قال : قتادة : قيل لموسى إن آية لقيك إياه أن تنسى بعض متاعك . فخرج هو ويوشع بن نون فتزودا حوتا مملوحا . حتى إذا كانا حيث شاء الله ، رد الله إلى الحوت روحه فسرب في البحر واتخذ الحوت طريقه في البحر سربا {[43172]} .
وقال : قوم إن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى بني إسرائيل وإنما هو عبد من عبيد الله من غير بني إسرائيل . فأنكر ذلك أكثر الناس ، وقالوا هو موسى بن عمران نبي بني إسرائيل . وقال : ابن جبير : كنا عند ابن عباس ، فقيل له : أن نوفا {[43173]} قال : ليس صاحب الخضر موسى بني إسرائيل . وكان متكئا فجلس ، وقال : يا سعيد {[43174]} أنت سمعته ؟ قال ، قلت : نعم ، أنا سمعته وهو يقول ذلك . فقال : ابن عباس : كذلك نوف . حدثني أبي بن كعب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : بينما موسى [ صلى الله عليه وسلم ] يخطب قومه ذات [ يوم {[43175]} ] إذ قال : ما أعلم في الأرض رجلا أعلم مني ، فأوحى الله [ عز وجل {[43176]} ] إليه : أن في الأرض رجلا أعلم منك . قال : يا رب فدلني {[43177]} عليه . فقيل له : تزود حوتا مالحا فإنه حيث تفقد الحوت . فانطلق هو وفتاه حتى انتهيا إلى الصخرة . وانطلق {[43178]} موسى [ صلى الله عليه وسلم ] يطلبه وترك فتاه فاضطرب {[43179]} الحوت في الماء فجعل لا يلتئم عليه الماء فصار مثل الكوة . فقال : فتاه : إلى أن {[43180]} يجيء نبي الله فأخبره ، قال : فنسي أن يخبر موسى بذلك . فلما {[43181]} جاوزا {[43182]} { قال لفتاه آتينا غذاءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا } [ 62 ] . قال : فلم {[43183]} يصبهما نصب حتى جاوزا ما أمرا به . قال : واذكر ، يعني الفتى فقال : { أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت ] [ 62 ] إلى قوله { قصصا } [ 63 ] فأراه مكان {[43184]} الحوت قال : هاهنا وصف لي . فذهب يلتمس فإذا هو بالخضر مسجى ثوبا . وذكر الحديث {[43185]} المتقدم {[43186]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.