الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{فَوَجَدَا عَبۡدٗا مِّنۡ عِبَادِنَآ ءَاتَيۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنۡ عِندِنَا وَعَلَّمۡنَٰهُ مِن لَّدُنَّا عِلۡمٗا} (65)

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : { فوجدا عبداً من عبادنا } قال : لقيا رجلاً عالماً يقال له خضر .

وأخرج ابن عساكر عن أبي بن كعب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «شممت ليلة أسري بي رائحة طيبة فقلت : يا جبريل ، ما هذه الرائحة الطيبة ؟ قال : ريح قبر الماشطة وابنيها وزوجها ، وكان بدء ذلك أن الخضر كان من أشراف بني إسرائيل ، وكان ممره براهب في صومعته فيطلع عليه الراهب فيعلمه الإسلام ، وأخذ عليه أن لا يعلمه أحداً . ثم إن أباه زوجه امرأة فعلمها الإسلام وأخذ عليها أن لا تعلمه أحداً ، وكان لا يقرب النساء ، ثم زوجه أخرى فعلمها الإسلام وأخذ عليها أن لا تعلمه أحداً ، ثم طلقها فأفشت عليه إحداهما وكتمت الأخرى ، فخرج هارباً حتى أتى جزيرة في البحر ، فرآه رجلان فأفشى عليه أحدهما وكتم الآخر . فقيل له : ومن رآه معك ؟ قال : فلان . وكان في دينهم أن من كذب قتل ، فسئل فكتم ، فقتل الذي أفشى عليه ثم تزوج الكاتم عليه المرأة الماشطة ، فبينما هي تمشط ابنة فرعون إذ سقط المشط من يدها ، فقالت : تعس فرعون . فأخبرت الجارية أباها فأرسل إلى المرأة وابنيها وزوجها فأرادهم أن يرجعوا عن دينهم فأبوا ، فقال : إني قاتلكم . قالوا : أحببنا منك إن أنت قتلتنا أن تجعلنا في قبر واحد . فقتلهم وجعلهم في قبر واحد » .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما شممت رائحة أطيب منها وقد دخلت الجنة » .

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : إنما سمي الخضر ، لأنه كان إذا جلس في مكان اخْضَرّ ما حوله وكانت ثيابه خضراً .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { آتيناه رحمة من عندنا } قال : أعطيناه الهدى والنبوة .

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : إنما سمي الخضر ، لأنه إذا قام في مكان نبت العشب تحت رجليه حتى يغطي قدميه .