النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَيُّ ٱلۡفَرِيقَيۡنِ خَيۡرٞ مَّقَامٗا وَأَحۡسَنُ نَدِيّٗا} (73)

قوله عز وجل : { . . . أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً } فيه وجهان :

أحدهما : منزل إقامة في الجنة أو النار .

والثاني : يعني كلام قائم بجدل واحتجاج أي : أمن فلجت حجته بالطاعة خير أم من دحضت حجته بالمعصية ، وشاهده قول لبيد :

ومقام ضيق فرجتهْ *** بلساني وحسامي وجدل

{ وَأحْسَنُ نَدِيّاً } فيه وجهان :

أحدهما : أفضل مجلساً .

الثاني : أوسع عيشاً .

ويحتمل ثالثاً : أيهما خير مقاماً في موقف العرض ، من قضى له بالثواب أو العقاب ؟

{ وَأَحْسَنُ نَدِيّاً } منزل إقامة في الجنة أو في النار ، وقال ثعلب : المقام بضم الميم : الإِقامة ، وبفتحها المجلس .

قوله تعالى : { أَثَاثاً وَرِئيَاً } فيه أربعة أوجه :

أحدها : أن الأثاث : المتاع ، والرئي : المنظر ، قاله ابن عباس . قال الشاعر{[1878]} :

أشاقت الظعائن يوم ولوا *** بذي الرئي الجميل من الأثاث .

الثاني : أن الأثاث ما كان جديداً من ثياب البيت ، والرئي الارتواء من النعمة .

الثالث : الأثاث ما لا يراه الناس . والرئي ما يراه الناس .

الرابع : معناه أكثر أموالاً وأحسن صوراً .

ويحتمل خامساً : أن الأثاث ما يعد للاستعمال ، والرئي ما يعد للجمال .


[1878]:أنشد هذا البيت أبو عبيدة لمحمد بن نمير الثقفي وروايته يوم بانوا مكان "يوم ولوا".