الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَيُّ ٱلۡفَرِيقَيۡنِ خَيۡرٞ مَّقَامٗا وَأَحۡسَنُ نَدِيّٗا} (73)

قوله : { مَّقَاماً } : قرأ ابن كثير " مُقاماً " بالضم ، ورُوِيَتْ عن أبي عمرو ، وهي قراءةُ ابن محيصن . والباقون بالفتح . وفي كلتا القراءتين يحتمل أَنْ يكونَ اسمَ مكانٍ أو اسمَ مصدر ، إمَّا من " قام " ثلاثياً ، أو مِنْ " أقام " ، أي : خير مكانِ قيامِ أو إقامةٍ .

والنَّدِيُّ : فَعِيل ، أصلُه نَدِيْوٌ لأنَّ لامَه واوا ، يقال : نَدَوْتُهم أَنْدَوْهم ، أي : أَتَيْتُ ناديَهم ، والنادي مثلُه . ومنه { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ } [ العلق : 17 ] ، أي : أهل نادية . والنَّدِيُّ والنادي : مجلسُ القومِ ومُتَحَدِّثُهم . وقيل : هو مشتقٌ من النَّدى وهو الكَرَمُ ؛ لأن الكرماء يجتمعون فيه ، وانْتَدَيْتُ المكانَ والمُنْتدى كذلك . وقال حاتم :

ودُعِيْتُ في أَوْلَى النَّدِيَّ ولم *** يُنْظَرْ إليَّ بأَعْيُنٍ خُزْرِ

والمصدرُ : النَّدْوُ . و " مَقاماً " و " نَدِيَّا " منصوبان على التمييز من أفْعل .

وقرأ أبو حيوةَ والأعرجُ وابن محيصن " يُتْلَى " بالياء مِنْ تحتُ ، والباقون/ بالتاءِ من فوقُ واللامُ في " للذين " يحتمل أَنْ تكونَ للتبليغِ ، وهو الظاهر ، وأن تكونَ للتعليلِ .