النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ وَتُدۡلُواْ بِهَآ إِلَى ٱلۡحُكَّامِ لِتَأۡكُلُواْ فَرِيقٗا مِّنۡ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ بِٱلۡإِثۡمِ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (188)

{ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ } فيه تأويلان :

أحدهما : بالغصب والظلم .

والثاني : بالقمار والملاهي .

{ وَتُدْلُواْ بِهَآ إِلَى الْحُكَّامِ } مأخوذ من إدلاء الدلو إذا أرسلته .

ويحتمل وجهاً ثانياً معناه : وتقيموا الحجة بها عند الحاكم ، من قولهم : قد أدلى بحجته إذا قام بها .

وفي هذا المال قولان :

أحدهما : أنه الودائع وما لا تقوم به بينة من سائر الأموال التي إذا جحدها ، حكم بجحوده فيها .

والثاني : أنها أموال اليتامى التي هو مؤتمن عليها .

{ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِاْلإِثْمِ } يحتمل وجهين :

أحدهما : لتأكلوا بعض أموال الناس بالإثم ، فعبر عن البعض بالفريق .

والثاني : على التقديم والتأخير ، وتقديره : لتأكلوا أموال فريق من الناس بالإثم .

وفي ( أكله ) ثلاثة أوجه :

أحدها : بالجحود .

والثاني : بشهادة الزور .

والثالث : برشوة الحكام .

{ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } يحتمل وجهين :

أحدهما : وأنتم تعلمون أنها للناس .

والثاني : وأنتم تعلمون أنها إثم .

قال مقاتل : نزلت هذه الآية في امرئ القيس الكندي ، وعبدان ابن ربيعة الحضرمي ، وقد اختصما في أرض كان عبدان فيها ظالماً وامرؤ القيس مظلوماً ، فأراد أن يحلف ، فنزلت هذه الآية ، فكفّ عن اليمين .