تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ وَتُدۡلُواْ بِهَآ إِلَى ٱلۡحُكَّامِ لِتَأۡكُلُواْ فَرِيقٗا مِّنۡ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ بِٱلۡإِثۡمِ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (188)

الآية 188 وقوله تعالى : ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام ) ؛ قيل : لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ، ولا تدلوا بها إلى الحكام ، [ وفي قراءة ]{[2211]} أبي : فلا تدلوا بها إلى الحكام وجهان{[2212]} :

[ أحدهما ]{[2213]} : على إضمار : لا كقوله : ( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق ) [ البقرة : 42 ] أي ولا تكتموا الحق .

[ والثاني على إظهار : لا ]{[2214]} : ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) بما تلبسوا على الحكام ، وتقيموا على ذلك حججا باطلة ، على ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إنكم تختصمون إلي ، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض ، فمن قضيت له بحق أخيه المسلم فكأنما قضيت له بقطعة من النار " [ البخاري : 2680 ] .

وقوله : ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) جعل مال آخيه كماله ونفس أخيه كنفسه لقوله تعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) [ النساء : 29 ] ، فإذا أكل مال أخيه بالباطل لزمه مثله ؛ جعل كأكل ماله بباطل ، وجعل قتل نفس أخيه بالباطل كقتل نفسه ، لأنه إذا قتله بباطل قتل به .

ثم من الناس من استدل بهذا على أبي حنيفة رضي الله عنه فيما يقول : يمضي العقد إذا شهد الشهود على ذلك عند الحاكم ، وقضى به ، ثم ظهر أن الشهود شهود زور حين قال : ( ولا تأكلوا ) ، وما روي من الوعيد للأخذ مكان ما أخذ قطعة من نار ، فإذا لم يحل ذلك لم يمض العقد .

غير أن الأصل في كل ما لو اجتمع الخصمان على ذلك بسبب جعل ذلك لهما ، فإذا قضى الحاكم بذلك السبب نفذ .

وقوله : ( لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ) : يعني طائفة من أموال الناس .


[2211]:- في النسخ الثلاث: وقراءة.
[2212]:- انظر تفسير الطبري: 5/ 552.
[2213]:- ساقطة من النسخ الثلاث.
[2214]:- في النسخ الثلاث: وقيل