الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ وَتُدۡلُواْ بِهَآ إِلَى ٱلۡحُكَّامِ لِتَأۡكُلُواْ فَرِيقٗا مِّنۡ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ بِٱلۡإِثۡمِ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (188)

وقوله تعالى : { وَلاَ تَأْكُلُواْ أموالكم بَيْنَكُم بالباطل . . . } [ البقرة :188 ] . الخطابُ لأمة نبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم ، ويدخلُ في هذه الآيةِ القِمَارُ ، والخُدَعُ ، والغُصُوب ، وجَحْد الحُقُوق ، وغَيْرُ ذلك .

وقوله سبحانه : { وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الحكام . . . } [ البقرة :188 ]

يقال : أَدْلَى الرَّجُلُ بحجَّة ، أو بأمْر يرجُو النَّجاح به ، تشبيهاً بالذي يرسل الدَّلْو في البِئْر ، يرجُو بها الماءَ ، قال قومٌ : معنى الآية تُسَارعون في الأموال إِلى المخاصَمَة ، إِذا علمْتم أنَّ الحُجَّة تقوم لكم ، إِمَّا بأن لا تكون على الجاحِدِ بيِّنة ، أو يكون مالَ أمانةٍ ، كاليتيم ونحوه ، ممَّا يكون القولُ فيه ، قوله فالباء في ( بِهَا ) باءُ السبب ، وقيل : معنى الآية : تُرْشُوا بهَا على أكْل أكثر منْها ، فالباء إِلزاقٌ مجرَّدٌ ، وهذا القول يترجَّح لأن الحكَّام مَظِنَّةُ الرُّشَا ، إِلاَّ من عُصِمَ ، وهو الأقل ، وأيضاً ، فإِن اللفظتين متناسبتَان .

{ تُدْلُواْ } : من إِرسال الدلْوِ ، والرِّشْوَةُ : من الرِّشَاءِ ، كأنها يمدُّ بها ، لتقضي الحاجة .

و( الفريقُ ) : القطْعة ، والجزء .

و{ بالإثم } أي : بالظلم .

{ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ }[ البقرة :188 ] أي : أنكم مبطلون .