بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ وَتُدۡلُواْ بِهَآ إِلَى ٱلۡحُكَّامِ لِتَأۡكُلُواْ فَرِيقٗا مِّنۡ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ بِٱلۡإِثۡمِ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (188)

قوله : { وَلاَ تَأْكُلُواْ أموالكم بَيْنَكُم بالباطل } ، أي بالظلم وشهادة الزور . { وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الحكام } ، يقول تلجؤوا بالخصومة إلى الحكام . وقال الزجاج : تعملون بما يوجبه ظاهر الحكم ، وتتركون ما علمتم أنه الحق . { لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا } ، يعني طائفة { مّنْ أَمْوَالِ الناس بالإثم } ، أي باليمين الكاذبة وشهادة الزور . ويقال : { بالإثم } أي بالجور . { وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } أنه جور . ويقال : إنكم تعلمون أنكم تأخذون بالباطل .

وهذه الآية نزلت في شأن امرىء القيس بن عباس الكندي وعيدان بن أشوع الحضرمي ، اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فادعى أحدهما على صاحبه شيئاً ، فأراد الآخر أن يحلف بالكذب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ وَأَرَى أَنَّهُ مِنْ حَقِّهِ ، وَأَنَّهُ لا يَرَى أَنَّهُ مِنْ حَقِّهِ فَإِنَّما أَقْضِي لَهُ بِقِطْعَةٍ مِنَ النَّارِ » فنزلت هذه الآية فيهما ، وصارت عامة لجميع الناس . وروى سعيد بن المسيب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « شَاهِدُ الزُّورِ إِذَا شَهِدَ لا يَرْفَعُ قَدَمِيْهِ مِنْ مَكانِهِمَا ، حَتَّى يَلْعَنُهُ الله مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ » .