قال ابن حيان وابن السايب : نزلت هذه في امرئ القيس بن عابس الكندي وفي عبدان بن أشرح الحضرمي ، وذلك أنهما إختصما إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم في أرضن فأراد أمرؤ القيس أن يحلف فأنزل الله { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ } [ آل عمران : 77 ] فقرأها النبيّ صلى الله عليه وسلم فأبى أن يحلف وحكم عبدان في أرضه ولا يخاصمه .
فقرأها النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وكان امرؤ القيس المطلوب وعبدان الطالب ، فأنزل الله عزّ وجلّ { وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ } الآية أيّ لا يأكل بعضكم مال بعض ، ( بالباطل ) أي من غير الوجه الذي أباحه الله تعالى له ، وأصل الباطل الشيء الذاهب الزائل يقال : بطل يبطل بطولاً وبطلاناً إذا ذهب . { وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ } أي تلقون أمور تلك الأموال بينكم وبين أربابها إلى الحكام ، وأصل الادلاء إرسال الدلو وإلقاءه في البئر ، يقال أدلى دلوه إذا أرسلها .
قال الله تعالى { فَأَدْلَى دَلْوَهُ } [ يوسف : 19 ] ودلاها إذا أخرجها ؛ثمّ جعل كل إلقاء قول أو فعل إدلاء ، ومنه قيل للمحتج بدعواه : أدلى بحجته إذا كانت سبباً له يتعلق به في خصومته كتعلق المسقي بدلو قد أرسلها هو سبب وصوله إلى الماء ، ويقال : أدلى فلان إلى فلان إذا تناول منه وأنشد يعقوب :
فقد جعلت إذا حاجة عرضت *** بباب دارك أدلوها أيا قوم
ومنه يقال أيضاً : دلا ركابه يدلوها إذا ساقها سوقاً رفقاً قال الراجز :
يا ذا الذي يدلوا المطيّ دلوا *** ويمنع العين الرقادا المرا
واختلف النحاة في محل قوله { وَتُدْلُواْ } .
فقال بعضهم : جزم بتكرير حرف النهي المعني ولا تأكلوا ولا تدلوا وكذلك هي في حرف أُبي بإثبات لا .
لا تنه عن خُلق وتأتي مثله *** عار عليك إذا فعلت عظيم
وقيل : نصب باضمارين الخفيّفة .
قال الأخفش : نصب على الجواب بالواو . { لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ } بالباطل .
وقال المفضل : أصل الإثمّ التقصير في الأمر .
جمالية تعتلي بالرّداف *** إذا كذب الاثمان الهجيرا
أي المقصرات يصف [ ناقته ] ثمّ جعل التقصير في أمر الله عزّ وجلّ والذنب إثماً . { وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } أنكم مبطلون .
قال ابن عبّاس : هذا في الرجل يكون عليه مال وليس له فيه بينة فيجحد ويخاصمهم فيه إلى الحكام وهو يعرف ان الحق عليه ويعلم أنه آثمّ آكل حراما .
قال مجاهد : في هذه الآية لا يخاصم وليست ظالم .
الحسن : هو أن يكون على الرجل لصاحبه حق فإذا طالبه به دعاه إلى الحكام فيحلف له ويذهب بحقه .
الكلبي : هو أن يقيم شهادة الزور .
قتادة : لا تدل بمال أخيك إلى الحاكم وأنت تعلم أنك ظالم ، فإن قضاءه لا يحل حرامه ، ومن قضى له بالباطل فإن خصومته لم تنقض حتّى يجمع الله عزّ وجلّ يوم القيامة بينه وبين خصيمه فيقضي بينهما بالحق .
وقال شريح : إني لأقضي لك ، وإني لأظنك ظالماً ، ولكن لا يسعني إلاّ أن أقضي بما يحضرني من البيّنة ، وإن قضائي لا يحل لك حراماً .
محمّد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما أنا بشر ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له ، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.