النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ ٱلرِّيَٰحَ بُشۡرَۢا بَيۡنَ يَدَيۡ رَحۡمَتِهِۦۚ وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ طَهُورٗا} (48)

قوله تعالى : { وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ } قال أبي بن كعب كل شيء في القرآن من الرياح فهو رحمة ، وكل شيء في القرآن من الريح فهو عذاب .

وقيل : لأن الرياح جمع وهي الجنوب والشمال والصبا لأنها لواقح ، والعذاب ريح واحدة وهي الدبور لأنها لا تلقح .

{ بُشْراً } قرئت بالنون وبالباء فمن قرأ بالنون ففيه وجهان :

أحدهما : أنه نشر السحاب حتى يمطر .

الثاني : حياة لخلقه كحياتهم بالنشور .

ومن قرأ { بُشْراً } بالباء ففيه وجهان :

أحدهما لأنها بشرى بالمطر .

الثاني : لأن الناس يستبشرون بها .

{ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } يعني المطر لأنه رحمة من الله لخلقه . وتأوله بعض أصحاب الخواطر يرسل رياح الندم بين يدي التوبة .

{ وَأَنزَلْنَا من السَّمِاءِ مَاءً طَهُوراً } فيه تأويلان :

أحدهما : طاهراً ، قاله أبو حنيفة ولذلك جوز إزالة النجاسات بالمائعات الطاهرات .

الثاني : مطهراً ، قاله الشافعي ولذلك لم يجوز [ إزالة ] النجاسة بمائع سوى الماء .