النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ جَآءَتۡكُمۡ جُنُودٞ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا وَجُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرًا} (9)

قوله تعالى : { اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ } قال ابن عباس يعني يوم الأحزاب حين أنعم الله عليهم بالصبر ثُم بالنصر .

{ إِذْ جَاءَتْكُم جُنُودٌ } قال مجاهد : جنود الأحزاب أبو سفيان وعيينة بن حصن وطلحة بن خويلد وأبو الأعور السلمي وبنو قريظة .

{ فَأرْسَلْنَا عَلَيِهِمْ رِيحاً } قال مجاهد : هي الصَّبا أرسلت على الأحزاب يوم الخندق حتى كفأت قدورهم ونزعت فساطيطهم وروى ابن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نُصِرْتُ بِالصّبَا وأُهْلِكَت عَادٌ بِالدَّبُور " . وكان من دعائه يوم الأحزاب : " اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَورَتَنَا وَآمِن رَوْعَتَنَا " فضرب الله وجوه أعدائه بريح الصَبا .

{ وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا } قال مجاهد وقتادة : هم الملائكة .

وفي ما كان منهم أربعة أقاويل :

أحدها : تفريق كلمة المشركين وإقعاد بعضهم عن بعض .

الثاني : إيقاع الرعب في قلوبهم ، حكاه ابن شجرة .

الثالث : تقوية نفوس المسلمين من غير أن يقاتلوا معهم وأنها كانت نصرتهم بالزجر حتى جاوزت بهم مسيرة ثلاثة أيام فقال طلحة بن خويلد : إن محمداً قد بدأكم بالسحر فالنجاة النجاة .

{ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً } يعني من حفر الخندق والتحرز من العدو .