النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الأحزاب{[1]}

مدنية كلها في قول الجميع

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى : { يَأَيُّهَا الَّنبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ } وهذا وإن كان معلوماً من حاله ففي أمره به أربعة أوجه :

أحدهما : أن معنى هذا الأمر الإكثار من اتقاء الله في جهاد أعدائه .

الثاني : استدامة التقوى على ما سبق من حاله .

الثالث : أنه خطاب توجه إليه والمراد به غيره من أمته .

الرابع : أن لنزول هذه الآية سبباً وهو ما روي أن أبا سفيان وعكرمة بن أبي جهل وأبا الأعور السلمي قدموا المدينة ليجددوا خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في عهد بينه وبينهم فنزلوا عند عبد الله ابن أبي بن سلول والجد بن قيس ومعتب بن قشير وأتمروا بينهم وأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرضوا عليه أموراً كره جميعها فهمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون أن يقتلوهم فأنزل الله : { يَأَيُّهَا الَّنبِيُّ اتقِ اللَّهَ } يعني في نقض العهد الذي بينك وبينهم إلى المدة المشروطة لهم .

{ وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ } من أهل مكة .

{ وَالْمُنَافِقِينَ } من أهل المدينة فيما دعوا إليه .

{ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } يحتمل وجهين :

أحدهما : عليماً بسرائرهم حكيماً بتأخيرهم .

الثاني : عليماً بالمصلحة حكيماً في التدبير .


[1]:- ذكر العلماء لفاتحة الكتاب اثنى عشر اسما هي: فاتحة الكتاب وأم القرآن وأم الكتاب وسورة الصلاة وسورة الحمد والسبع المثاني والقرآن العظيم والشفاء والرقية والأساس والوافية والكافية، والحديث عند أبي داود رقم 1457 والترمذي رقم 3320.