ثم قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم } أي : اذكروا تفضل الله عليكم فاشكروه على ما فعل بكم .
{ وإذ جاءتكم جنود } يعني جنود الأحزاب من قريش وغطفان {[55285]} ويهود بني قريظة وغيرهم .
{ فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها } كانت الريح التي نصر بها النبي صلى الله عليه وسلم : الصبا {[55286]} .
قال عكرمة : قالت الجنوب للشمال ليلة الأحزاب : انطلقي تنصري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت الشمال : إن الحرة لا تسري بالليل . قال : فكانت الريح التي أرسلت عليهم الصبا {[55287]} .
قال أبو سعيد الخدري : " قلنا يوم الخندق يا رسول الله بلغت القلوب الحناجر فهل من شيء نقوله ، قال : قولوا اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا . قال : فضرب الله وجوه أعدائه بالريح . وهزمهم الله بالريح " {[55288]} .
قال ابن عمر : كانت معي يوم الخندق ترس وكان فيها حديد فضربتها الريح حتى وقع بعض ذلك الحديد .
قال مجاهد : أرسلت على الأحزاب يوم الخندق ريح حتى كفأت قدورهم على أفواهها ونزعت فساطيطهم {[55289]} حتى أظعنتهم {[55290]} {[55291]} .
قال قتادة : { وجنودا لم تروها } يعني : الملائكة ، قال : نزلت هذه الآية يوم الأحزاب وقد حصر رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا ، فخندق رسول الله حوله وحول أصحابه خارج المدينة ، وأقبل أبو سفيان بقريش ومن تبعه من الناس حتى نزلوا بعصرة {[55292]} رسول الله .
[ وأقبل عيينة بن حصن {[55293]} أحد بني بدر {[55294]} ومن تبعه من الناس حتى نزل بعصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ] {[55295]} . وكاتبت اليهود أبا سفيان وظاهروه بذلك حيث يقول تعالى ذكره : { إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم } فبعث الله عليهم الرعب والريح فذكر لنا أنهم كل ما بنوا قطع الله أطنابه ، وكلما ربطوا دابة قطع الله رباطها ، ولكما أوقدوا نارا ، أطفأها الله حتى لقد ذكر لنا أن سيد كل حي يقول : يا بني فلان هلم إلي ، حتى إذا اجتمعوا عنده قال : النجاء أتيتم ، لما بعث الله عليهم من الرعب {[55296]} .
قال ابن إسحاق : كانت الجنود قريشا وغطفان وبني قريظة ، وكانت الجنود التي أرسل الله عليهم مع الريح : الملائكة ، وكانت الريح مع قوتها شديدة البرد ، وكان في ذلك أعظم آية النبي صلى الله عليه وسلم .
وكان سبب الأحزاب : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أجلى بني النضير إلى خيبر ، وكانوا قد سادوا العرب وعرفوا بكثرة المال ، وهم من بني هارون النبي عليه السلام ، فلما انتقلوا إلى خيبر ، وحول خيبر من العرب أسد {[55297]} وغطفان حزبت اليهود على النبي العرب من أسد وغطفان وغيرهم .
وخرجوا في ستة آلاف ، ثم تدرج كبراء اليهود إلى مكة فحزبوا قريشا على النبي عليه السلام ، وأتبعتهم كنانة {[55298]} واجتمعوا في نحو عشرة آلف وأتوا المدينة ، فنزلوا عليها ، فخندق النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة ، وكان إخوة بني/ النضير من قريظة وادعوا النبي عليه السلام فلم يزل بهم بنو النضير حتى نقضوا العهد وعاونوهم على النبي صلى الله عليه وسلم وفيهم نزل : { وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم } {[55299]} ، أي من حصونهم فأرسل الله على جميعهم الريح فزعزعتهم وانقلبوا خائبين ، ثم نهض النبي صلى الله عليه وسلم إلى محاصرة قريظة الذين أعانوا عليه ونقضوا عهده فحاصرهم ونزلوا على حكم سعد {[55300]} ، وكانوا ست مائة ، فقتل مقاتلهم وسبى ذراريهم وقسم عقارهم بين المهاجرين دون الأنصار {[55301]} .
قال مالك : كانت وقعة الخندق سنة أربع {[55302]} .
وقال ابن إسحاق {[55303]} : فكانت وقعة الخندق وهي الأحزاب في شوال سنة خمس {[55304]} .
قال مالك : كان الخندق وقريظة في يوم واحد ، انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من وقعة الخندق ، وقد انصرف المشركون ، فاغتسل فأتاه جبريل صلى الله عليه وسلم ، فقال له : أوضعت اللأمة {[55305]} ولم تضعها الملائكة ، إن الله يأمرك أن تخرج إلى بني قريظة ، فخرج إليهم ، فحكموا سعدا فيهم ، فحكم بسبي الذراري وقتل الرجال ففعل بهم ذلك {[55306]} .
وروى ابن وهب عن مالك أنه قال : كانت وقعة أحد على رأس أحد وثلاثين شهرا من الهجرة ، وعند مصرف النبي عليه السلام من أحد خرج إلى بني النضير وأجلاهم إلى خيبر وإلى الشام على صلح وقع بينهم قد ذكر في غير هذا الموضع .
ثم قال : { وكان الله بما تعملون بصيرا } أي : بأعمالكم في ذلك اليوم وغيره ، بصير لا يخفى عليه شيء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.