النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَٱللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ جَعَلَكُمۡ أَزۡوَٰجٗاۚ وَمَا تَحۡمِلُ مِنۡ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلۡمِهِۦۚ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٖ وَلَا يُنقَصُ مِنۡ عُمُرِهِۦٓ إِلَّا فِي كِتَٰبٍۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (11)

قوله عز وجل : { وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ } يعني آدم .

{ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } يعني نسله .

{ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً } فيه وجهان :

أحدهما : أصنافاً ، قاله الكلبي .

الثاني : ذكراناً وإناثاً ، والواحد الذي معه آخر من شكله : زوج والاثنان زوجان ، قال الله تعالى :

{ وأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَينَ الذَّكَرَ والأُنْثَى }[ النجم : 45 ] وتأول قتادة قوله تعالى : { ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً } أي زوّج بعضكم لبعض .

{ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ } يعني بأمره .

{ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ منْ عمُرِهِ . . } الآية . فيه قولان :

أحدهما : ما نمد في عمر معمر حتى يصير هرماً ، ولا ينقص من عمر أحد حتى يموت طفلاً إلا في كتاب .

الثاني : ما يعمر من معمر قدر الله تعالى مدة أجله إلا كان ما نقص منه بالأيام الماضية عليه في كتاب عند الله .

قال سعيد بن جبير : هي صحيفة كتب الله تعالى في أولها أجله ، ثم كتب في أسفلها ذهب يوم كذا ويوم كذا حتى يأتي على أجله ، وبمثله قال أبو مالك والشعبي .

وفي عمر المعمر ثلاثة أقاويل :

أحدها : ستون سنة ، قاله الحسن .

الثاني : أربعون سنة .

الثالث : ثماني عشرة سنة ، قاله أبو غالب .

{ . . . إنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } أي هين .

ويحتمل وجهين :

أحدهما : أن إثبات ذلك عند الله يسير .

الثاني : أن زيادة عمر المعمر ونقصان عمر الآخر عند الله تعالى يسير .

وللكلبي فيه ثالث : أن حفظ ذلك بغير كتاب{[2274]} على الله يسير .


[2274]:كتاب من ك وفي ع ذلك.