النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{فَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ ٱلۡحُوتِ إِذۡ نَادَىٰ وَهُوَ مَكۡظُومٞ} (48)

{ فاصْبِرْ لحُكمِ ربّك } فيه وجهان :

أحدهما : لقضاء ربك .

الثاني : لنصر ربك ، قاله ابن بحر .

{ ولا تكُن كصاحِبِ الحُوتِ } قال قتادة : إن اللَّه تعالى يعزي نبيّه ويأمره بالصبر ، وأن لا يعجل كما عجل صاحب الحوت وهو يونس بن متى .

{ إذ نادى وهو مكظوم } أما نداؤه فقوله : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .

وفي مكظوم أربعة أوجه :

أحدها : مغموم ، قاله ابن عباس ومجاهد .

الثاني : مكروب ، قاله عطاء وأبو مالك ، والفرق بينهما أن الغم في القلب ، والكرب في الأنفاس .

الثالث : محبوس ، والكظم الحبس ، ومنه قولهم : فلان كظم غيظه{[3060]} أي حبس غضبه ، قاله ابن بحر .

الرابع : أنه المأخوذ بكظمه وهو مجرى النفس ، قاله المبرد .

{ لولا أن تَدارَكه نِعْمةٌ مِن ربِّه } فيه أربعة أوجه :

أحدها : النبوة ، قاله الضحاك .

الثاني : عبادته التي سلفت ، قاله ابن جبير .

الثالث : نداؤه لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، قاله ابن زيد .

الرابع : أن نعمة اللَّه عليه إخراجه من بطن الحوت ، قاله ابن بحر .

{ لنُبِذَ بالعراء } فيه وجهان :

أحدهما : لألقي بالأرض الفضاء ، قاله السدي ، قال قتادة : بأرض اليمن .

الثاني : أنه عراء يوم القيامة وأرض المحشر ، قاله ابن جرير .

{ وهو مذموم } فيه وجهان :

أحدهما : بمعنى مليم .

الثاني : مذنب ، قاله بكر بن عبد الله ، ومعناه أن ندعه مذموماً .


[3060]:قال تعالى: والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس.