فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ ٱلۡحُوتِ إِذۡ نَادَىٰ وَهُوَ مَكۡظُومٞ} (48)

{ فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم ( 48 ) }

{ فاصبر لحكم ربك } أي لقضائه الذي قد قضاه في سابق علمه ، وقيل الحكم هنا هو إمهالهم وتأخير نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم . لأنهم إن أمهلوا لم يهملوا ، وقيل هو ما حكم به عليه من تبليغ الرسالة قيل وهذا منسوخ بآية السيف .

{ ولا تكن كصاحب الحوت } يعني يونس عليه السلام أي لا تكن مثله في الغضب والضجر والعجلة حتى لا تبتلي ببلائه { إذ نادى } أي لا يكن حالك كحاله أو قصتك كقصته في وقت ندائه ، ويدل على المحذوف أن الذوات لا ينصب عليها النهي ، وإنما ينصب على أحوالها وصفاتها { وهو مكظوم } مملوء غيظا وكربا ، وقيل غما ، قال الماوردي والفرق بينهما أن الغم في القلب والكرب في الأنفاس .

قال قتادة : إن الله يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم ويأمره بالصبر وأن لا يعجل كما عجل صاحب الحوت ، وقد تقدم بيان قصته في سورة الأنبياء ويونس والصافات ، وكان النداء منه بقوله : { لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } وقيل إن المكظوم المأخوذ بكظمه وهو مجرى النفس ، قاله المبرد ، وقيل هو المحبوس ، والكظم الحبس ، ومنه قولهم فلان يكظم غيظه أي يحبس غضبه ، قاله ابن بحر . والأول أولى ، والجملة حال من ضمير نادى وعليها يدور النهي لا على النداء لأنه أمر مستحسن .