نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ ٱلۡحُوتِ إِذۡ نَادَىٰ وَهُوَ مَكۡظُومٞ} (48)

ولما انتفى جميع ذلك فثبت أنهم على خطر عظيم ، وأنه سبحانه المختص بعلم الغيب ، وقد أخبر بإهلاكهم من أجله صلى الله عليه وسلم ، وأن كفر من كفر وإيمان من آمن بقضائه وتقديره ، فكان لا بد منهما ، كان ذلك سبباً حاملاً له على{[67749]} الصبر إلى الوقت الذي ضربه سبحانه للفرج ، فقال مسبباً عما تقديره : لم يكن له شيء مما ذكر ، وإنما هو القضاء والقدر : { فاصبر } أي أوفر الصبر وأوجده على كل ما يقولون{[67750]} فيك وعلى غير ذلك من كل ما يقع منهم ومن غيره من مر{[67751]} القضاء والقدر { لحكم ربك{[67752]} } أي للقضاء{[67753]} الذي قضاه وقدره{[67754]} المحسن إليك الذي أكرمك بما أكرمك به من الرسالة وألزمك بما ألزمك من البلاغ وخذلهم بالتكذيب{[67755]} ومد لهم على ذلك في الآجال{[67756]} وأوسع عليهم النعم وأخر ما وعدك به من النصر{[67757]} .

ولما كان حاصل قصة يونس - على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام - أنه استثقل الكرامة بالرسالة{[67758]} لما فيها من الأمور الشديدة من معالجة الخلق فامتحن ، كان سبباً لقبوله ذلك ، ثم كان سبب إسلام قومه إدناء العذاب منهم وتقريب غشيانه لهم ، أشار له{[67759]} بقصته إلى أنه يراد إعلاؤه - صلى الله عليه وسلم وعلى سائر الأنبياء - وإعلاء أمته على {[67760]}سائر الأمم{[67761]} بما يحتاج إلى صبر على{[67762]} ما يستثقل من ضر أو أمر شديد مر فقال : { ولا تكن } أي ولا يكن حالك في الضجر والعجلة {[67763]}إلى غير ذلك{[67764]} . ولما كان قد افتتح السورة بالنون الذي من مدلولاته الحوت ، عبر به هنا تحقيقاً لإرادته فقال : { كصاحب } أي كحال صاحب { الحوت } وهو يونس {[67765]}بن متى{[67766]} عليه الصلاة والسلام { إذ } أي حين ، والعامل في هذا الظرف المضاف المحذوف من الحال ونحوها ، أو يكون التقدير : لا يكن حالك كحاله يحصل لك مثل{[67767]} ما حصل له حين { نادى } أي{[67768]} ربه المربي له بإحاسنه في الظلمات من {[67769]}بطن الحوت وظلمة ما يحيط به من الجثة وظلمة {[67770]}لحج البحار{[67771]} { وهو } أي والحال أنه عند ندائه { مكظوم * } أي مملوء كرباً وهماً وشدة وغماً{[67772]} محمول على السكوت ببطنه فهو لا ينطق من شدة حزنه ، ومحبوس عن جميع ما يريد من التصرف إلى أن ألجأه سبحانه بذلك إلى الدعاء والتضرع ، من الكظم ، وهو السكوت عن امتلاء وتجرع للمرارات{[67773]} ، ومن هذا كظمت السقاء أي {[67774]}شددته وملأته{[67775]} فكان مكظوماً ، والمكظوم{[67776]} : المكروب - كأنه قد أخذ بكظمه وهو مخرج نفسه .


[67749]:- زيد من ظ وم.
[67750]:-في م: يقولونه.
[67751]:- من ظ وم، وفي الأصل: أمر.
[67752]:- ليس في الأصل فقط.
[67753]:- من ظ وم، وفي الأصل: لقضائه.
[67754]:- زيد في الأصل: فإنه هو، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67755]:-زيد من ظ وم.
[67756]:- من ظ وم، وفي الأصل: بالإجمال.
[67757]:- زيد في الأصل: إلى يوم الجزاء، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67758]:- من ظ وم، وفي الأصل: وإرساله.
[67759]:- زيد من ظ وم.
[67760]:- من ظ وم، وفي الأصل: أمته.
[67761]:- من ظ وم، وفي الأصل: أمته.
[67762]:- زيد من ظ وم.
[67763]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67764]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67765]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67766]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67767]:- زيد من ظ وم.
[67768]:- زيد في الأصل: نادى، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67769]:- من ظ وم، وفي الأصل: في.
[67770]:- في م: اللجج.
[67771]:- في م: اللجج.
[67772]:- زيدت الواو في الأصل ولم تكن في ظ وم فحذفناها.
[67773]:- زيد في الأصل: عليه الصلاة والسلام وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67774]:- في م: ملأته وشددته.
[67775]:- في م: ملأته وشددته.
[67776]:- سقط من ظ وم.