المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَٰعَهُمۡ وَجَدُواْ بِضَٰعَتَهُمۡ رُدَّتۡ إِلَيۡهِمۡۖ قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَا مَا نَبۡغِيۖ هَٰذِهِۦ بِضَٰعَتُنَا رُدَّتۡ إِلَيۡنَاۖ وَنَمِيرُ أَهۡلَنَا وَنَحۡفَظُ أَخَانَا وَنَزۡدَادُ كَيۡلَ بَعِيرٖۖ ذَٰلِكَ كَيۡلٞ يَسِيرٞ} (65)

65- وكان إخوة يوسف يجهلون أن يوسف وضع أموالهم في حقائبهم ، فلما فتحوها ووجدوا الأموال عرفوا جميل ما صنع بهم يوسف ، وتذرعوا بذلك إلى بث الطمأنينة في قلب يعقوب ، وإقناعه بالاستجابة إلى ما طلب العزيز وبالغوا في استمالته ، فذكروه بما بينه وبينهم من رباط الأبوة ، فقالوا : يا أبانا أي شيء تريده أجمل مما جرى وينتظر أن تجرى به الأحداث ؟ هذه أموالنا أعيدت إلينا دون أن يحتجز منها شيء ، فنسافر مع أخينا ونجلب الميرة لأهلنا ، ونرعى أخانا ، ويزيد ميرتنا حمل بعير لحق أخينا ، فقد رسم العزيز أن يعطى الرجل حمل بعير .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَٰعَهُمۡ وَجَدُواْ بِضَٰعَتَهُمۡ رُدَّتۡ إِلَيۡهِمۡۖ قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَا مَا نَبۡغِيۖ هَٰذِهِۦ بِضَٰعَتُنَا رُدَّتۡ إِلَيۡنَاۖ وَنَمِيرُ أَهۡلَنَا وَنَحۡفَظُ أَخَانَا وَنَزۡدَادُ كَيۡلَ بَعِيرٖۖ ذَٰلِكَ كَيۡلٞ يَسِيرٞ} (65)

أصل المتاع ما يتمتع به من العروض والثياب . وتقدم عند قوله تعالى : { لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم } في سورة النساء ( 102 ) . وأطلق هنا على إعدال المتاع وإحماله من تسمية الشيء باسم الحالّ فيه .

وجملة { قالوا يا أبانا } مستأنفة استئنافاً بيانياً لترقب السامع أن يعلم ماذا صدر منهم حين فجأهم وجدان بضاعتهم في ضمن متاعهم لأنه مفاجأة غريبة ، ولهذه النكتة لم يعطف بالفاء .

و { ما } في قوله : { ما نبغي } يجوز أن يكون للاستفهام الإنكاري بتنزيل المخاطب منزلة من يتطلب منهم تحصيل بغية فينكرون أن تكون لهم بغية أخرى ، أي ماذا نطلب بعد هذا . ويجوز كون { ما } نافية ، والمعنى واحد لأن الاستفهام الإنكاري في معنى النفي .

وجملة { هذه بضاعتنا ردت إلينا } مبينة لجملة { ما نبغي } على الاحتمالين . وإنما علموا أنها رُدّت إليهم بقرينة وَضْعها في العِدل بعد وضع الطعام وهم قد كانوا دفعوها إلى الكيالين ، أو بقرينة ما شاهدوا في يوسف عليه السلام من العطف عليهم ، والوعد بالخير إن هم أتوا بأخيهم إذ قال لهم { ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين } [ سورة يوسف : 59 ] .

وجملة { ونمير أهلنا } معطوفة على جملة { هذه بضاعتنا ردت إلينا } ، لأنها في قوة هذا ثمن ما نحتاجه من الميرة صَار إلينا ونمير به أهلنا ، أي نأتيهم بالميرة .

والميرة بكسر الميم بعدها ياء ساكنة : هي الطعام المجلوب .

وجملة { ونحفظ أخانا } معطوفة على جملة { ونمير أهلنا } ، لأن المير يقتضي ارتحالاً للجلب ، وكانوا سألوا أباهم أن يكون أخوهم رفيقاً لهم في الارتحال الذكور ، فكانت المناسب بين جملة { ونمير أهلنا } وجملة { ونحفظ أخانا } بهذا الاعتبار ، فذكروا ذلك تطميناً لخاطر فيهم .

وجملة { ونزداد كيل بعير } زيادةٌ في إظهار حرصهم على سلامة أخيهم لأن في سلامته فائدة لهم بازدياد كيل بعير ، لأن يوسف عليه السلام لا يعطي الممتارَ أكثر من حمل بعير من الطعام ، فإذا كان أخوهم معهم أعطاه حِمل بعير في عداد الإخوة . وبه تظهر المناسبة بين هذه الجملة والتي قبلها .

وهذه الجمل مرتبة ترتيباً بديعاً لأن بعضها متولد عن بعض .

والإشارة في { ذلك كيل يسير } إلى الطعام الذي في متاعهم . وإطلاق الكيل عليه من إطلاق المصدر على المفعول بقرينة الإشارة .

قيل : إن يعقوب عليه السلام قال لهم : لعلهم نسوا البضاعة فإذا قدمتم عليهم فأخبروهم بأنكم وجدتموها في رحالكم .